هل كان إيقافُ مرتباتُ آلافِ العاملين بالخدمةِ المدنية بمحليات جنوب بولايةِ غرب كردفان ضربٌ من أوجهِ الفساد؟
رسالةٌ فى بريدِ رئيسِ وُزراء حكومةَ الأمر الواقع ببورتسودان دكتور كامل إدريس لإنصاف ضحايا وزير المالية الحالى دكتور جبريل إبراهيم
هل كان إيقافُ مرتباتُ آلافِ العاملين بالخدمةِ المدنية بمحليات جنوب بولايةِ غرب كردفان ضربٌ من أوجهِ الفساد؟
رسالةٌ فى بريدِ رئيسِ وُزراء حكومةَ الأمر الواقع ببورتسودان دكتور كامل إدريس لإنصاف ضحايا وزير المالية الحالى دكتور جبريل إبراهيم
مرصد حرب السودان : غرب كردفان
أصدرتْ وزارةُ المالية والقِوى العاملة بولاية غرب كردفان بتأريخِ الاثنين الموافق 3 فبراير 2025م، الماضى قراراً قضى بإيقافِ مرتباتِ الآلاف من العاملين بالخدمةِ المدنية بتُهمةِ التّأييد والتّعاون مع قوات الدعم السريع معظمهُم من محلياتِ جنوب ولاية غرب كردفان وهى محليات ( الفولة وبابنوسة والمُجلد والدِّبب والميرم وكيلك ولقاوة والسُّنُوط) وهى محلياتٌ سيطرتْ قواتُ الدعم السريع على أغلبيتها دونَ مُقاومةٍ تُذكر بعد انسحاب الجيش منها فى بدايةِ حربهِم العبثيّة مع تلك القوات التى اندلعتْ فى الخرطوم بتأريخِ الخامسِ عشر من أبريل 2023م وانطلَقتْ كنارِ الهشيمِ لتعُمْ معظم أنحاءِ السودان.
ودافع الأستاذ رحمة الله الرحيمة مدير عام وزارة المالية والقوى العاملة والوزير المكلف بولاية غرب كردفان وقت صدور القرار، دافع عن القرار.
وقال ’’ بأنّهم فى الوزارة يملكون أدلةً دامغة عن تعاوُن العاملون الذين تمّ إيقاف مرتباتهم مع قوات الدعم السريع ‘‘.
و مؤكداً بأنّ هؤلاء لا يستحقون راتباً من الدولة طالما اختاروا مُوالاة الدعم السريع.
وبُناءً على قرارِ مجلس الوزراء رقم 149 المتعلق بتنظيم الصّرف الصادِر بتأريخ 11 ديسمبر 2024م الماضى، أصدرت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادى برئاسةِ وزيرها دكتور جبريل إبراهيم قراراً مُوغِلاً فى الاجحافِ بتأريخ 19 ديسمبر 2024م الماضى قضى بصرفِ رواتبِ واستحقاقات العاملين بالدولة عبر الحسابات البنكية فقط، وألّا يُتِمْ الصرف نقداً، على أن يلتزم جميعُ العاملينَ الذين ليس لديهم حساباتٍ بنكية بفتحِ حساباتٍ بنكية بالبنوك المختلفة.
وقد أثار القرارُ ردودِ أفعالٍ واسعة وقُوبِل بالرّفض من العاملين الذين ينحدر معظمهُم من محلياتِ الولاية الجنوبية التى يُسيطر عليها الدعم السريع عدا مدينة بابنوسة مقر الفرقة 22 مشاة ومدينة النهود وقتَ إصدار القرار والتى سقطتُ لاحقاً فى يد قوات الدعم السريع بتأريخ الأول من مايو ٢٠٢٥م.
ووصفُوا القرارَ بالقرارِ السِّياسى المُعيب ولا يمِتُّ بصلةٍ لقوانينِ الخدمةِ المدنية.
مرصد حرب السودان تقصّى الحقائقَ الكامنة وراء قرار الولاية المُسْتنِد على قرارِ الوزارةِ الاتحادية برئاسةِ دكتور جبريل وخرج بالحصيلةِ التالية :-
فى مٌفتتح ِ الإفادات لمرصد حرب السودان، قال الأستاذ التوم أحمد الذى يعملُ معلماً بالمرحلةِ الثانوية بالولاية، أنّ وزارة المالية بغربِ كردفان وبدلاً من أنْ تقوم بسدادِ متأخراتِ الشهور التى لم يُتم صرفها لنا منذ اندلاعِ حرب الخامس عشر من أبريل 2023 م، تقومُ بإيقافِ مرتباتنا بتهمة التعاون مع الدعم السريع الذى صنعوهُوا بأيديهم حتى لينْطبِقُ عليهم المثلُ العربى ( ندِمْتُ ندامةَ الكُسعِىُّ لمّا رأتْ عيناهُ ما صنعَتْ يداهُ )،.
وأضاف بأنّ معظم العاملين بمحليات جنوبِ الولاية المختلفة لم يتمكّنوا من السفرَ لمدينةِ النهود حاضرة الولاية الجديدة وقت صدور القرار لفتحِ حساباتٍ بنكية لجهةِ عدمِ امتلاكهم لثمنِ تزكرة السفر، كما أنّ معظم البنوك بالعديد من مدن جنوب الولاية توقّفت عن العملِ بأمرٍ من حكومة بورتسودان.
وقال مُتعجباً أنّ الحكومة عجزت عن صرفِ مرتباتنا وعندما تقوم بصرفها تصرفه لنا بنسبة 60% فقط وهى تكادُ لا تكفى لمدة ثلاث أيام فقط مع الغلاء الطّاحن !!.
قرارُ جائرٌ وتفوحُ منه رائحةِ الفساد والمحسوبيّة السِّياسيّة
وصفَ أحدُ قادةِ الأحزاب السياسيّة بالولاية مُتحفِظاً على إسمهِ، فى حديثه لمرصد حرب السودان، القرارَ بأنّه ضربٌ من ضُروبِ الفساد الذى دأبَ عليه مَنْ أسماهُم بالكيزان منذُ فجرِ انقلابهم على سلطةٍ شرعيةٍ انتخبَها الشعب فى العام 1986م.
واضافَ أنّ القرارَ له أبَعاداً سياسيةٍ أخرى نفهمهُا نحنُ السياسيُّون جيداُ، وعليهم أنْ يعلمُوا عِلمَ اليقين أنّ أغلبية سكّان الولاية لا علاقةَ لهم بطرفى الحرب ولا يتعاونُونَ مع الدعم السريع والذى يتعامل معه الجميع كأمرٍ واقعٍ بالمحليات الجنوبية على غِرارِ تعامُل الجميع مع حكومةِ بورتسودان فاقدةُ الشرعية هى الأخرى.
وقال أنّ قيام والى الولاية اللواء معاش والحقوقى محمد أحمد جايد بتنفيذ قراراتِ المركز حفاظاً على مقعدِه يجعله مُتواطئاً مع وزارةِ المالية الاتحادية فى جريمة الفساد البائنة بينُونةٍ كبرى.
وأضافَ مُتسائلاً ( لماذا هرب اللواء جايد والى الولاية إلى مدينةِ بورتسودان تاركاً النهود لقمةً سائغة لمليشيا الدعم السريع التى تمكّنت من السيطرةِ على مدينة النهود يومى الخميس والجمعة المُوافَقين الأول والثانى من مايو 2025 م تِباعاً ؟).
وقال ( أنّ سقوط مدينة النهود فى يد قوات الدعم السريع بتلك السهولة، يُؤكِّد تماماً أنّ ( دعوةَ المظلومينَ لا تقعْ فى الواطة) فسلّطّ الله عليهِم مَن لا يخافهُم والأمرُّ أنّ عدُوّهم خرجَ من رِحمِهم ومن صُلبهم .
أبناؤنا يُقاتِلُون مع الجيش والجيشُ يُعاقِبُنا بالتجويع
قالت الأستاذة ( م.ع.أ ) لمرصد حرب السودان، أنا من مُكوِّن قبيلة المِسيرية و لى إثنينِ من الأبناء يُقاتِلُون فى صفوفِ الفرقةِ ٢٢ مُشاة ببابنوسة والتى ظلّتْ تُقاتِل بشرفٍ ودفاعاً عن قسمِ الولاء الذى أدُّاهُوا جنودها بمعسكرِ التدريب، ونحنُ أسرةٌ متديِّنة وأقولها بكلِّ قوةٍ ( لولا بسالة أبطال فرقة بابنوسة لِمَا ثبُتتْ بقية الفِرق العسكرية فى جميعِ أنحاء السودان).
وقالتْ : أنا سعيدةٌ بأنْ وَجدنا مَنْ يهتم بقضيتنا العادلة ويُسلِّط الأضواء عليها ، داعيةً رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس بإيلاء قضية مرتباتهِم الموقوفةُ جُوراً ووضعها على سُلّم أولوياته، وأُطالِبه بإبعادِ الظالمين مِنْ أمثالِ دكتور جبريل إبراهيم مِن كابِينةِ وزارةِ المالية اليوم قبل الغدْ.
وقالتْ مرتباتِنا على ضعفهِا كانتْ تُساعدنا فى توفيرِ دواء الأمراضِ المُزمِنة كالضغط والسُّكرى عبر صندوق الإدخّار ( صندوق الخَتّة) الذى ابتكرناه مع مجموعةٍ من النساء فى قريتنا التى نزحَنا إليها بعد استيلاء مليشيا الدعم السريع على مدينةِ الفولة بتأريخ الخميس 20 يونيو 2024م الماضى.
وأضافتْ أنّ صندوق الخَتّة ساعدهُنّ على ابتدار مشاريع مُتناهيةِ الصِّغر ساعدهُنّ على الصمود أمام تحديّات الحرب اللعينة، وختمتْ حديثها قائلةً ( أنّ البرهان ووزير ماليتِه يُريدان لنا الموت جُوعاً بحرماننا من مُرتباتنا بحجةٍ واهية وتوصِيفَنا بأننا حواضنَ اجتماعية للدعم السريع، ولكنى أقولُ للبرهان لأنّه المسؤول عن تعيينِ الوزير الظّالم ( جبرين)، قُمْ بزيارةٍ لفرقة بابنوسة العسكرية وستجدْ أبناء المسيرية هم الأغلبيةَ بالفرقة، والظُّلمُ ظُلماتٌ يوم القيامة.
رواتِبُنا تمّ صرفها للمُستنفَرِين بمدينة النهود ، ومالُ الحرام لايبْنِى مدينة
بحُرقةٍ وغَصّةٍ فى حلقه ، قال أحدُ العاملين ويشغِلْ وظيفة الخفير باحدى الوزارات بمدينة الفولة لمرصد حرب السودان بعدَ أنْ سألنى ( ياولدى، هل كلامى البقولوا ليك ده بصل للبرهان رئيس السودان ورئيس الوزراء العيّنوا جديد ده ؟) ، فأجبته: بأنّى صحفى ومُهمتِى أنْ أتناولَ قضية إيقاف مُرتباتكم كقضية عادِلة.
فقال لى : ( ناس النهود ظلمونا ظُلم الحسن والحسين ، بعد ودّوا ليهم العاصمة هَناك ، وقفوا رواتبنَا الشِّيّة واتفقوا مع الوزير جبرين وأدّوها للمُستنفَرِين شان يقاتِلوا معاهم الدعم السريع، وتوا لمِن عِيال الدعم جووهُم فى النهود، عرّدُوا وفزّوا، والله والله والله ( قالهَا ثلاثْ مرّات) مال الحرام ما بعمِّر وما ببنى مدينة، ونحنا لو عايزين مال الحرام كان قعدنا فى مدينة أبوزبد وما مرقنا منها ، فى إشارةٍ منه لضخامة ما تمّ شفْشفته من الخرطوم ودخلَ المدينة.
نخْلُص من هذا التقرير الاستقصائى إلى : أنّ قرار إيقاف رواتِب العاملين بولايةِ غرب كردفان بتركيزٍ على العاملين بالمحليات الجنوبية للولاية كان قراراً سياسيّاً جائراً إعتمد على التّعميمِ المُخِل بأنّ جميع سكّان المحليات الجنوبية هم داعمين ومتعاوِنينَ مع الدعم السريع وبالتّالى تمّ حرمانهِم من حقِّ التّمتُّع بامتيازاتِ الوظيفة العامة وأهمها راتِب الفصل الأول ، ممّا يُدلِّل على انتهاكٍ جسيمٍ قد وقع عليهم لأنّ الحق فى تولِّى الوظيفة العامة والإثابةُ عليها بالأجر والراتب يُعَدُّ من الحقوقِ الأساسية المُعترف بها فى المعاييرِ الدولية لحقوق الإنسان . كما أنّ القرار خالفَ قانون الخدمة المدنية للعام ٢٠٢٣م ، حيثُ لا يُوجد فيه أىِّ سند لقرار وزير المالية ، لذلك يُعدُّ قراراً باطلاً ولا قيمة له.