القوات المشتركة لسلام جوبا توسع انتشارها وتؤكد عدم حيادها
مني مناوي يعرب عن قلقه من احتمالية إنتصار الجيش ويؤكد تواصله مع حميدتي
أعلنت القوات المشتركة لقوى سلام جوبا من جانب الحركات المسلحة في دارفور، إنها بدأت توسع إنتشارها تأكيدا على جاهزيتها للتصدي لأي هجوم محتمل على مواقعها. جاء ذلك في بيان نشره المتحدث الرسمي باسم القوات المشتركة أحمد حسين مصطفى أدروب (الناطق الرسمي لحركة تحرير السودان قيادة مني مناوي)، في منطقة أم مراحيك شمال بشمال دارفور، اثناء وصول طوف عسكري قاده الجنرال عبود خاطر بغرض إستقبال قوات تابعة لهم، زعم أنها قادمة من الصحراء شمالا.
ونفى أحمد أدروب في بيانه أن تكون القوات المشتركة لديها أي صلة بما يدور في وسائل الاعلام في إشارة إلى حالة الانقسام على مستوى القيادة السياسية للحركات الموقعة على سلام جوبا، حيث أعلن كل من مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان وجبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة و وزير المالية الحالي بجانب عبدالله يحيى نائب رئيس تجمع قوى تحرير السودان ووزير الأبنية التحتية الحالي، أواسط الشهر الماضي، دعم الجيش وانهاء حالة الحياد التي أعلنتها حركات سلام جوبا منذ إندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في أبريل الماضي، بينما جدد كل من الطاهر حجر رئيس تجمع قوى تحرير السودان والهادي إدريس رئيس حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي التزامهما الحياد.
وأوضح البيان ان الهدف من زيارة القوات المشتركة بقيادة الجنرال عبود آدم خاطر إلى منطقة أم مراحيك يأتي ضمن تفقد الأوضاع العسكرية بمواقع وإرتكازات القوات والاطمئنان عليها بجانب إستقبالهم لوفد مقدمة القوات التي قال عنها إنها قادمة من الصحراء وتنويرها حول رؤية وموقف حركات سلام جوبا.
وكان سودان مونيتور قد تلقى معلومات تفيد بتحرك قوات تابعة للسيد مني أركو مناوي من دولة ليبيا المجاورة بقيادة الجنرال فيصل صالح رئيس أركان الحركة، فيما وصل بالفعل الى مدينة الفاشر حاضرة شمال دارفور الجنرال عبدالله بندة القائد العام لحركة العدل والمساواة القيادة الجماعية والجنرال يوسف محمد يوسف كرجكولا رئيس أركان حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد النور خلال الأسبوعين الماضيين، وذلك عقب توترات شهدتها مدينة الفاشر الأسابيع الماضية إثر شائعات عن هجوم متوقع لقوات الدعم السريع على المدينة عقب سيطرتها على مدن نيالا وزالنجي والجنينة على التوالي.
مناوي يعرب عن قلقه من إنتصار الجيش في المعركة الحالية
من جهته أعرب السيد مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان الموقعة على سلام جوبا عن تخوفه من إنتصار القوات المسلحة السودانية في الحرب الدائرة الآن بين بينها وقوات الدعم السريع، كما أشار إلى سيناريوهات قاتمة لمالات الحرب الحالية مقارنة بأوضاع الصومال وليبيا التي مزقتها الحرب الاهلية منذ أمد بعيد، مشيرا إلى الأوضاع في السودان قد تكون الأسوأ من بين جميع الدول التي شهدت حروبا أهلية بينها الدول المذكورة.
وفي مؤتمر صحفي عقده مني مناوي في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا أواخر الأسبوع الماضي، كشف مناوي أن لديه إتصالات مع الجنرال محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع دونما ذكر أي تفاصيل حول محتوى الاتصالات بين الجانبين، وهو ما جاء معاكسا لموقف مناوي الذي أعلنه بمدينة بورتسودان في نوفمبر المنصرم حول إنهاء الحياد ودعم القوات المسلحة السودانية، وكذلك مغايرا لإجراءات إنتشار القوات الذي أعلنته القوات المشتركة يوم أمس بمنطقة أم مراحيك التي تعتبر إستعدادا للدفاع عن هجوم مراقب.
وتحدث مناوي عن الخلل الهيكلي للقوات المسلحة السودانية من حيث الموارد البشرية حيث تتوزع الرتب العليا لجهة بيعنها فيما يتم إستيعاب الأغلبية في المستويات الأدنى على مستوى الجنود وضباط الصف من بقاع السودان الأخرى، مبينا إلى أن إنتصار الجيش يعني عودة الدولة القامعة والهيمنة الجهوية مرة أخرى.
إنقسامات عليا وسط قوى سلام جوبا بسبب حرب الجيش والدعم السريع
وفيما يردد بعض قيادات الحركات الموفعة على سلام جوبا بأنها على قلب رجل واحد كما جاء في بيان أمس، إلا معلومات أكيدة تفيد بوقوع خلافات حادة داخل تجمع قوى تحرير السودان. حيث أعلن وزير الابنية التحتية السيد عبدالله يحيى نائب رئيس تجمع قوى تحرير السودان عن موقفه الداعم للقوات المسلحة السودانية وإنهاء حالة الحياد، فيما لا يزال السيد الطاهر حجر رئيس التجمع على موقف الحياد المعلن منذ بدء الحرب.
وفي سياق ذي صلة، أفادت مصادر مطلعة ل (سودان وور مونيتور) أن هجوم مناوي على القوات المسلحة السودانية جاء على خلفية صراع داخلي بين مني أركو مناوي وقيادات عسكرية عليا بحركته بينهم الجنرال جمعة حقار القائد العام لقوات الحركة والعقيد جابر إسحق الذي يعتبر مقربا من قيادة الدعم السريع، الامر الذي نفاه الناطق الرسمي باسم الحركة - ضمنيا. فيما إنشقت حركة العدل والمساواة فعليا، قبل أكثر من شهر، وذلك على خلفية تقارب أمينها السياسي السابق السيد سليمان صندل حقار رئيس فصيلها الجديد الحالي مع قيادة الدعم السريع، فيما لا يزال رئيس الحركة الأصل جبريل إبراهيم في موقفه الذي أعلنه مع السيد مني مناوي ومصطفى تمبور المؤيد للقوات المسلحة خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة بورتسودان بتاريخ ١٦ نوفمبر الجاري، وهو ذات تاريخ سقوط دارفور على يد المستعمر ومقتل السلطان على دينار في العام ١٩١٦م، الا أنه لم يتم التأكد بعد ما اذا كان إختيار التاريخ جاء مصادفة أم ذات دلالة معينة.
وفي جانب حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي التي يقودها الهادي أدريس يحيى فرج الله، فقد أعلنت المجموعة المنشقة عنه في وقت سابق بقيادة الصادق برانقو ومحي الدين شرف ضمن آخرين تأييدهما للقوات المسلحة منذ بدء الحرب، إلا أن نائب رئيس الحركة الحالي السيد صلاح الدين عبدالرحمن المعروف بـ "صلاح رصاص" يعتبر الأقرب الى القوات المسلحة السودانية من جانب و حركة عبدالواحد النور من جانب آخر، فيما يعتبر الهادي ادريس رئيس الحركة أنه الأقرب إلى قيادة قوات الدعم السريع يرافقه في ذلك عضو الهيئة القيادية العليا للحركة السيد نمر عبدالرحمن رئيس الحركة السابق ووالي ولاية شمال دارفور الحالي والذي غادر إلى مدينة جوبا ومنها الى كمبالا دون الإشارة إلى إمكانية عودته في الوقت الحالي.
وبصورة عامة، يظهر أن جبريل إبراهيم ومني مناوي الأقرب إلى بعضهما في المواقف المتارجحة بين دعم الجيش والحياد منذ إعلان قاعة الصداقة المؤسس لانقلاب أكتوبر ٢٠٢١م، فيما يبدو كل من الطاهر حجر والهادي ادريس على انهم قريبين من بعضهما رغم أنه لم يوجد إعلان مشترك بينهما حتى الآن، عدا عزلهما معا من مجلس السيادة بواسطة الجنرال عبدالفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة المتبقي في السودان، بينما تتخذ الحركات الناشئة مثل مجموعة مصطفى تمبور والصادق برانقو موقف داعم للقوات المسلحة لا لبس فيه، إضافة إلى مجموعة عبدالله بندة وآخرين الذين حضروا إلى الفاشر بتنسيق ميداني مع حركات سلام جوبا أقرب إلى القبلي منه إلى السياسي، الامر الذي يشير إلى أن المسرح السياسي والعسكري في دارفور لا يزال يتشكل بعد رغم تبشير طرفي الصراع الرئيسيين – الجيش والدعم السريع – أتباعهما بقرب النصر في كل خطبهما القيادية واعلاناتهما السياسية والإعلامية.