بابنوسة: معارك مستمرة واوضاع مأساوية للنازحين
مزاعم من الطرفين بالسيطرة على الارض والتفوق في المعارك
سودان وور مونيتور
دخلت المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمدينة بابنوسة بغرب كردفان يومها الـ ٧٣ منذ بدء الهجوم من قبل قوات الدعم السريع على قيادة الفرقة ٢٢ مشاة التابعة للجيش السوداني، ضمن حملة الدعم السريع التي سيطرة خلالها على عدد من فرق الجيش العسكرية بدءا من نيالا، زالنجي، الجنينة على التوالي.
وتقع مدينة بابنوسة في الاتجاه الجنوبي الغربي من ولاية غرب كردفان حيث يقدر عدد سكانها ب ٢٠ الف نسمة وتعد من اكبر محطات السكة حديد في غرب السودان بعد مدينة نيالا، وتحتضن قيادة الفرقة ٢٢ مشاة التابعة للجيش السوداني. وظلت مدينة بابنوسة آمنة منذ بداية حرب الخامس عشر من ابريل ٢٠٢٣م بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والتي وصفها طرفي الصراع بالعبثية، قبل ان يمتد اليها الصراع بهجوم قوات الدعم السريع على قيادة الفرق ٢٢ مشاة بابنوسة في الثالث والعشرون من شهر يناير ٢٠٢٤ ومازالت المعارك مستمرة حتى كتابة هذا التقرير
معارك شرسة وقصف مستمر للطيران ومقتل ٤ مدنيين في قرية مجاورة
منذ بداية هجوم الدعم السريع على قيادة الفرقة ٢٢ مشاة ببابنوسة والتي كانت بالفعل قد استقبلت قوات الجيش السوداني المنسحبة من قيادة الفرقة ٢٠ الضعين (شرق دارفور) التي سقطت في يد الدعم السريع في الحادي والعشرون من نوفمبر ٢٠٢٣م، ظلت القوات المسلحة السودانية تعمل على تعزيز وجود قوات الفرقة ٢٢ من الحاميات العسكرية في مناطق البترول والفولة والمجلد ومنطقة الخرصانة. بينما لا تزال المدينة تشهد معارك شرسة بين طرفي الصراع اسفرت عن فرار كامل لسكان المدينة والنازحين الذين كانوا قد وصلوا إليها من مناطق أخرى جراء الحرب، ومقتل وجرح العشرات من المدنيين، مع عدم توفر بيانات رسمية حول عدد القتلى والجرحى للمتحاربين.
وفي الأثناء تستمر عمليات القصف الجوي من قبل سلاح الطيران السوداني علي المدينة طوال الاشهر الماضية ما أدى إلى تدمير عدد من المنشآت والممتلكات. واكدت مصادر متفرقة من المنطقة لـ (سودان وور مونيتور) ان أكثر من خمسمائة برميل متفجر تم اسقاطها على مناطق متفرقة من المدينة والمناطق المجاورة لها حتى لحظة كتابة التقرير.
واكد مصدر تحدث لـ (سودان وور مونيتور)، من قرية شعاع الواقعة بالقرب من مدينة بابنوسة، استهداف المنطقة بغارة جوية لسلاح الطيران السوداني اودت بحياة ٤ من المدنيين بالمنطقة على الأقل في الرابع والعشرون من مارس ٢٠٢٤م المنصرم، وسط مخاوف وسط السكان المحليين والنازحين من تكرار الطلعات الجوية لسلاح الطيران السوداني.
كما أبدى عدد من النازحين فى منطقة الكلاعيت القريبة من بابنوسة والتي يصل عدد النازحين فيها الى حوالي ٥٧٨ أسرة، أبدوا مخاوفهم من إستهداف الغارات الجوية للمناطق المكتظة بالنازحين والسكان المدنيين، وأكد جميع من تحدثوا لـ (سودان وور مونيتور) الثلاثاء الثاني من ابريل ٢٠٢٤م عن قصف الطيران الحربي للجيش لمنطقة الكلاعيت بخمسة براميل متفجرة في مناطق متفرقة منها، أدت إلى بث الرعب والهلع في نفوس المواطنين وخاصة النساء والاطفال بالرغم من عدم وجود اصابات وسط المواطنين، وناشد المواطنين المجتمع الدولي بالضغط على اطراف الصراع بوقف الحرب ووقف ما وصفوه بالاستهداف الممنهج للطيران للمناطق المأهولة بالسكان.
نزوح كامل للمدينة واوضاع مأساوية للنازحين
وقد شهِدت مدينة بابنوسة نزوحاً مزدوجاً، حيث كانت مجتمعاً مضيفاً في بداية الحرب للنازحين الذين فروا من الخرطوم وشمال كردفان وولايات دارفور الخمس وولاية جنوب كردفان. وبعد اندلاع المعارك حول الفرقة 22 مُشاة بابنوسة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بتأريخ أواخر يناير ٢٠٢٤م، ووفقا لتقرير صادر من مفوضية العون الانساني بولاية غرب كردفان اطلعت عليه سودان وورمونيتور نزح جميع سكان المدينة الي محليات ( الفولة والمجلد والدبب والميرم والأضية وغبيش) حيث تمت استضافتهم بواسطة الأقارب ومراكز إيواء أغلبها عبارة عن مدارس واستراحات لبعض المؤسسات الحكومية بالمدن الكبيرة، بينما آثر بعض النازحين السكن في مساكن تم تشييدها من الأدوات المحلية وافترش بعضهم الأرض متخذاً من ظلال الأشجار مسكناً ومأويً.
وأضاف التقرير نسبةً لصعوبة الوصول لحصر وتسجيل نازحي مدينة بابنوسة وانقطاع شبكات الاتصالات بالولاية فقد تم حصر وتسجيل عدد ١٠٤٥٥ أسرة بعدد أفراد يقدر بحوالي ٥٨٠٩٥ فرد حتى الآن، لكن الشاهد أن معظم سكان المدينة الذين يُقدر عددهم بحوالي ٢٠ ألف نسمة قد نزحوا جميعاً.
وشكا عدد من النازحين الذين تحدثوا لـ (سودان وور مونيتور) سوء الاوضاع المعيشية للنازحين الذين تركوا كل ما يملكون وفروا بأرواحهم الى هذه المناطق التي تفتقر كليا الى مقومات الحياة من صحة ومياه صالحة للإستخدام ومأوي. وأضافوا انهم اتخذوا من الاشجار مأوي لهم لعدم وجود مباني أو مؤسسات مشيدة بالمنطقة، مشيرين الى حدوث وفيات وسط اصحاب الامراض المزمنة لعدم وجود ادوية.
كما افاد عدد من المواطنين تحدثوا الي سودان وور مونيتور من مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان التي استقبلت مئات الالاف من النازحين منذ بداية الحرب، افادوا بأن تردي الخدمات قد فاق حد التحمل. وقال المواطن عيسى علي من الفولة "هذه المدينة ظلت تستقبل نازحين منذ بداية الحرب وحتي الان، بدءا بالنازحين من الخرطوم و دارفور، ثم شمال وجنوب كردفان، قد إستقبلت الآن كامل سكان مدينة بابنوسة، مع خدمات محدودة تتعلق بالمياه والصحة".
وأضاف السيد عبدالرحمن حمدين فني من هيئة مياه المدينة "المدينة بها ٨ مصدر مياه معظمها تحتاج الى صيانة واسبيرات وهي لا تكفي حاجة المواطنين والنازحين".
وأبان تقرير مفوضية العون الانساني بولاية غرب كردفان المشار اليه سابقا "أن حجم التدخلات والاستجابة الانسانية لايزال ضعيفاً سيما من الوكالات الأممية والمنظمات الدولية والتي انحسر نشاطها بعد مغادرة معظمها للولاية بعد الدمار الذي لحق بمقارها ونهب أصولها الثابتة والمتحركة في أحداث السادس عشر من أغسطس ٢٠٢٣م التي شهدتها حاضرة الولاية الفولة، علاوةً علي صعوبة ايصال المساعدات الانسانية من بورتسودان بسبب المخاطر الأمنية علي الطرقات وتكاليف الترحيل الباهظة وعدم رغبة حكومة البرهان في ايصال المساعدات الانسانية لولاية غرب كردفان والتي تصنفها كحاضنة للدعم السريع كما نجد أن المجتمع المستضيف قد ضاق ذرعاً بالعبء الثقيل نتيجة لتحمله مسئولية سد احتياجات النازحين بالرغم من حالة الفقر والعوز التي يُعانيها مما يدفعه الي نهب المساعدات الإنسانية حال لم يجد نصيباً منها كما حدث مع المساعدات الانسانية التي قدمها مركز الملك سلمان للمساعدات الإنسانية والتي تم نهبها بواسطة المجتمع المستضيف بمدينة الفولة في شهر نوفمبر من العام الماضي ٢٠٢٣م".
مزاعم من الطرفين بالسيطرة على الارض والتفوق في المعارك
ومع إشتداد المعارك العنيفة بين الطرفين في أواخر رمضان الجاري، حيث تكثف قوات الدعم السريع هجومها على قيادة الفرقة ٢٢ مشاة مقابل الدفاع المستميت من الجيش السوداني عن مقر قيادته مع إستمرار الغارات الجوية من قبل سلاح الطيران الحربي للجيش السوداني، يزعم كلا الطرفين إحراز تفدم وتفوق في المعارك على الارض.
وأفاد مصدر عسكري من داخل قيادة الفرقة ٢٢ مشاة لـ سودان وور مونيتور ان قواتهم ظلت تصد بشكل مستمر هجمات قوات الدعم السريع وتكبيدهم خسائر فادحة زاعما قدرة الجنود في قيادة الفرقة علي الصمود لاشهر.
وأكد ذات المصدر صعوبة حصول الجنود فى القيادة على المواد الغذائية مما اضطر قيادة القوات المسلحة علي الاسقاط الجوي للمواد غذائية الاسبوع الماضي للجيش داخل محيط قيادة الفرقة.
فيما أظهرت صور حديثة تحصل عليها سودان وور مونيتور حريق داخل ثكنات الجيش تسبب فيه تدوين قوات الدعم السريع إلى داخل الحامية.
وفي ذات السياق، زعم احد عناصر الدعم السريع الذي تحدث لـ (سودان وورمونيتور) من بابنوسة، محاصرتهم لقيادة الفرقة ٢٢ مشاة وتواجد قواتهم فى حي السلام المحازي للفرقة من الاتجاه الشرقي زاعما ان الفرقة ستسقط قريبا على أيدي قوات الدعم السريع، مؤكدا تعزيزات كبيرة لقواتهم قد وصلت إليهم بالفعل من دارفور.
الانتهاكات (اعتقالات لمدنيين واغتيال لإعلامي بالمجلد)
وفي سياق منفصل، اغتيل بمدينة المجلد بولاية غرب كردفان الاعلامي سعيد محمد إسماعيل المعروف بولائه لقوات الدعم السريع، حيث تعرض لإطلاق نار بواسطة عيار ناري من مسدس في الرجل عندما كان في طريقه الى منزله مساء يوم الاثنين الاول من ابريل ٢٠٢٤م، تسبب في نزيف حاد ادي الى وفاته حسب محضر الشرطة.
وذكرت اسرة سعيد انهم قلقوا عليه عندما تأخر في الوصول الى المنزل في الوقت المعتاد في حوالي الساعة العاشرة وحتى الحادية عشرة، ما اضطرهم للتحرك للبحث عنه ليجدوه مقتولا على قارعة الطريق المدي الى المنزل. وأكدت مصادر مقربة من الحدث ان الشرطة القت القبض على متهمين بالتورط في مقتل سعيد واودعتهم الحراسة.
وبينت المصادر ان مشادة كلامية رصدت بين القتيل واحد المتهمين (يدعي د. ح) معروف بدعمه للجيش والاخوان المسلمين، والذي كان قد هدد القتيل بالقتل امام جمع من الناس وذلل على خلفية اعتقال قوات الدعم السريع لعدد من العناصر بتهم انتمائهم للنظام السابق ودعم الجيش.
وقامت قوات الدعم السريع مع بداية هجومها على الفرقة ٢٢ مشاة بابنوسة بتنفيذ حملات اعتقال شملت عدد من المدنيين لاتهامهم بالانتماء للنظام السابق، ومن بينهم باب الله احيمر أحد كوادر الامن الشعبي والاستاذ جمعة الشهيد واخرين.
كما إعتقلت قوات الدعم السريع في الثاني والعشرين من مارس ٢٠٢٤م، الفاضل عبدالرحمن (رئيس حزب المؤتمر الوطني بالمجلد)، حيث تم الافراج عنه قبل أن يتم الافراج عنه بعد تدخل الادارة الاهلية بالمجلد بعد اجتماع عاصف للإدارة الاهلية بمنزل الناظر مختار بابو نمر تحصلت سودان وور مونيتور على تسجيل للاجتماع، وطالب عدد من العناصر الناظر بالتحدث للدعم السريع للكف عن استهداف الناس بدواعي انتمائهم للنظام السابق، كما طالبوا الناظر بالمطالبة بالإفراج عن الفاضل عبدالرحمن.
الا ان مصادر متعدد أكدت إعادة القبض على الفاضل عبدالرحمن في الثاني من ابريل الجاري على خلفية اتهامه واخرين باغتيال الاعلامي الموالي للدعم السريع سعيد محمد إسماعيل.