نفط السودان: تحت طائلة التخريب المتعمد
الذهب الأسود .. تدمير بأمر الجنرالات (2 - 2)
تحقيق - سودان وور مونيتور
لم يتوفع السودانيون أن تمضي حرب أبريل المدمرة لبلادهم بهذه الوتيرة، فالحرب التي إندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل 2023م والتي توقع لها البعض أن تحسم خلال ساعات أو أيام قلائل بدأت رويدا رويدا تأخذ منحى تدميري لثروات بلادهم القومية وبنيتها التحتية، ومن بين تلك الثروات القومية التي أصبحت مسرحا للعمليات العسكرية لجنرالات الحرب من طرفي الصراع، هي النفط السوداني ومؤسساته المختلفة والتي وجدت حظها من الخراب والتدمير خلال الحرب التي تشهدها البلاد حاليا والتي دخلت عامها الثالث، وبعد مرور أكثر من (27) شهرا من الحرب إقترب قطاع النفط في السودان من الانهيار الكلي، إثر توقف عدد كبير من الحقول المنتجة وتدمير وتخريب بعضها، فضلا عن توقف مصافي التكرير في ( الخرطوم والأبيض) إضافة إلى توقف تدفق النفط القادم من دولة جنوب السودان عبر خط الأنابيب بسبب تداعيات الحرب.
تراجع إنتاج النفط السوداني:
وتراجع نصيب السودان من الإنتاج النفطي بعد انفصال الجنوب إلى (120) الف برميل يومياً نصيب الدولة منها (55) ألف برميل يومياً، ويبلغ احتياطي السودان من النفط المؤكد (6.8) بليون برميل (2010) م، وهو بهذا يحتل الرقم (20) في العالم، بينما يبلغ احتياطيه المؤكد من الغاز الطبيعي (2010) بليون متر مكعب، ورغم أن السودان يمتلك احتياطياً من النفط يناهز ستة مليارات برميل، استُخرِج نحو 20% منه فقط، إضافة إلى وجود نحو (12) حوضاً رسوبياً متنوعاً واحتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي في وسط السودان وشرقه، إلا أن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية مثل المنشآت السطحية والمصافي، يشير إلى أن عودة القطاع إلى الإنتاج قد تحتاج إلى سنوات، وتراجع إنتاج السودان النفطي بعد انفصال جنوب السودان في 2011 من 450 ألف برميل يوميا، إلى ما بين (60 و70) ألفا حاليا؛ مما جعل الحكومة تلجأ إلى استيراد أكثر من 60% من المواد البترولية، ويستفيد السودان من النفط الذي تُنتجه جارته الجنوبية، إذ تحصل الخرطوم على عوائد جراء نقل نفط جنوب السودان والذي يقدّر حجمه بنحو (170) ألف برميل يوميا، إلا أن الحرب الحالية
أعاقت الروابط اللوجستية وأنابيب النقل بين حقول النفط في جنوب السودان وبورتسودان.
وفي السياق أفاد وكيل وزارة النفط السابق المهندس محمد نصر ان المربعات المنتجة حاليا للنفط تتبع لشركة (تو بي أوبكو) وكان انتاج هذه الشركة قبل الحرب (39) ألف برميل في اليوم، والان الانتاج في حدود (20) ألف برميل في اليوم، اضافة الى مربع (6) التابع لشركة (بتروانرجي) وكان إنتاجه في اليوم (12) الف برميل قبل الحرب والان صفر، إضافة الى مربع (17) التابع لشركة شارف بتروليم وكان ينتج (2600) برميل في اليوم قبل الحرب والان صفر، وإضافة الى مربع (25) الذي تديره شركة الراوات وكان ينتج مابين (2000 – 2500) ألف برميل في اليوم وتوفق الان عن الانتاج، وأكد نصر ان اجمالي الاحتياطي في السودان من النفط كله يبلغ حوالي (6500) مليون برميل، مشيرا إلى أنه ليس كل الاحتياطي ينتج وما يمكن إنتاجه في حدود (1.6) مليون برميل حسب الدراسات، وما أنتج منذ العام 1999م وحتى الان في حدود حدود (600) مليون برميل، وما تبقى من الاحتياطي حوالي (900) مليون برميل يمكن أن تنتج.
خسائر كبيرة لقطاع النفط:
وأفاد وكيل وزارة النفط والطاقة السابق وليد الأسد بحدوث دمار لعدد كبير من مناطق انتاج النفط في حقول (بليلة - سفيان - دفرة) وتعرضها لنهب وحريق بعض المنشات، وقال الأسد في ندوة خسائر قطاع النفط في حرب السودان بتاريخ 25- مايو 2024م ان خسائر فقدان انتاج هذه الحقول يقدر بحوالي (2 - 4) مليون دولار في اليوم، وأضاف ان الحقل المنتج حاليا هو حقل هليج بنسب متدنية نتيجة لانعدام العمليات اللوجستية المصاحبة لعمليات صناعة النفط، وقال ان اكبر المصائب التي حدثت لصناعة النفط تجمد النفط داخل خط شركة تابكو الذي ينقل انتاج دولة جنوب السودان، وأوضح الأسد إن أهمية الخط تأتي في انه يزود محطة كوستي الحرارية (أم دباكر) وهي أهم محطة في السودان، وتشكل نسبة تصل الى45% من جملة التوليد الحراري في السودان، مبينا أنه بعد توقف الخط فقد الوقود لتزويد المحطة، وأكد ان مصفاة الخرطوم تعمل على معالجة مزيج خط دار القادم من دولة جنوب السودان وبتوقف الخط فقد مصفاة الخرطوم 40% من انتاجه، مؤكدا ان الخط يشكل 60% من صادرات دولة جنوب السودان، وبالتالي رسوم عبور الخام ومعالجته حوالي ميلون دولار في اليوم فقد هذا المصدر المالي المهم، وأكد الأسد أن مصفاة الخرطوم توقف وتعرض لضربات عدة مرات وأصبحت المستودعات لا تعمل والمصفاة تحتاج لصيانة وتمويل ضخم.
مصفاتي الجيلي والأبيض:
ويمتلك السودان مصفاتين لتكرير النفط، الأول هو مصفاة الجيلي ويقع المصفاة شمال الخرطوم ويعتبر أكبر مصفاة في السودان من القدرات، وتبلغ طاقة المصفاة التصميمية ( 100) ألف برميل في اليوم وينتج المصفاة (الديزل والبنزين وغاز الطهي) ويوفر 45 ٪ من احتياجات البلاد من المنتجات النفطية، وبلغت قيمة المواد البترولية المنتجة من المصفاة حتى توقفه في أكتوبر 2023م نحو (6) مليون دولار يوميا، وتقع مصفاة الجيلي شمال العاصمة الخرطوم بمسافة 70 كيلومتر على الجانب الشرقي لطريق التحدي، عطبرة - الخرطوم، وتبعد عن نهر النيل بحوالي 12,5 كيلو متر، ويمر غربها خط أنابيب الصادر الخام الذي يبعد عنها بحوالي 500 متر فقط، وتبلغ مساحة المصفاة حوالي نصف كيلومتر مربع، وتم حجز 8 كيلو متر مربع للمصفاة وامتداداتها، كما تم حجز مساحة مماثلة لاستخدامات شركات التسويق والمشروعات المرتبطة بالمصفاة، ومصفاة الخرطوم عبارة عن شراكة بين جمهورية السودان ممثلة في وزارة الطاقة والتعدين وشركة سودابت والشركة الوطنية الصينية للبترول GNPC، حيث يمتلك كلٌ من الشريكين نسبة 50 % من المشروع، بتعاقد لفترة زمنية معينة وبتكلفة عامة 640 مليون دولار، فيما تقع مصفاة الابيض شمال مدينة الابيض عاصمة شمال كردفان وأنشئت المصفاة في العام ١٩٩٦وهي مسجلة كشركة محدودة مملوكة للمؤسسة السودانية للنفط، وبدأت مصفاة الابيض نشاطها بتكرير (10,000) برميل في اليوم بحسب افادة سابقة لمدير المصفاة، وظل المصفاة يعمل بنسبة 30%من الطاقة التصميمية لمدة ثلاث سنوات لجهة عدم وصول الخام للمصفاة بالكميات المطلوبة، وفيما بعد ارتفع انتاج المصفاة إلى (15,000)الف برميل في اليوم بعد ان تم إنشاء الخط الناقل من هجليج إلى بورتسودان.
تدمير مصفاة الخرطوم:
وتعرض مصفاة الخرطوم (الجيلي) لخسائر كبيرة، وللحديث عن حجم هذه الخسائر تحدث لفريق التحقيق عضو تجمع العاملين بقطاع النفط وطلب حجب اسمه، وذكر لنا إنه في بداية الحرب كانت لاتوجد انتهاكات ولا مضايقات للموظفين رغم وجود ارتكازات بكميات كبيرة داخل المصفاة لقوات الدعم السريع والتي كانت تسيطر على المصفاة بالكامل، بما في ذلك وحدات التوزيع والتي كانو مسيطرين عليها وخاصة الوقود الذي يتم حمله بواسطة التناكر بكميات كبيرة كانت تخرج لمواقعهم بصورة منتظمة، ولكن بعد قصف الطيران والمسيرات التابعة للجيش يمكن القول ان حجم الضرر على المصفاة حتى الان بنسبة 85% للوحدات المختلفة وان الضرر الذي وقع على المصفاة شبة كامل، وبالتالي السودان محتاج الى مصفاة جديد، غير وحدات التخزين التي تعرضت لقصف من طيران الجيش وحدثت حرائق لكميات كبيرة جدا من الوقود، وأكد المصدر أنه منذ يوم 30 – 8 – 2024م توقفت المصفاة تماما خاصة وحدات المعالجة، وفقط كانت تعمل وحدات التوزيع ووحدة التخزين وذلك بسبب وجود كميات كبيرة جدا وأضاف (أيضا يمكن القول ان سبب توقف المصفاة لعدم وجود مساحة تخزين كافية، لأن كل المساحات الفارغة للتخزين امتلاءت).
التخريب في مصفاة الخرطوم:
على مستوى التكرير فقد توقفت مصفاة الخرطوم تماما عن العمل لأسباب كثيرة منها موقع مصفاة الخرطوم في منطقة الحرب، ويعتبر المصفاة من المنشآت ذات الحساسية العالية مع الاسلحة والنيران وتعتبر منطقة مخاطرة عالية جداً، وتدني انتاج الخام بسبب المعوقات الامنية التي أدت الى توقف عدد من الحقول، وتضررت أجزاء مكملة لعمل المصفاة مثل مركز التحكم لتوزيع المنتجات البترولية بعد تكريرها وخروجها من المصفاة وتنوكة تخزين الخام التي تستوعب الخام الداخل الى المصفاة قبل عمليات التكرير، وتدمير مستودعات التخزين الخاصة بالمشتقات داخل المصفاة كالبنزين والغاز والجازولين والتي كانت جميعها مليئة بالمنتجات البترولية، إضافة الى مجموعة من مستودعات شركات التوزيع المتواجدة في محيط المصفاة، وهي مستضافة داخل مباني المصفاة مما أدى الى فقدان كميات مقدرة من المنتجات النفطية لكافة الشركات، وفاقت الخسائر في المصفاة حتى الآن المليار دولار هذا غير كمية الخام التي تم حرقها جراء القصف وهي في حدود (300) الف برميل من الخام وقد تزيد والآن يجري العمل في تقييم أكثر دقة لحجم الضرر، بحسب ما أفادت لجنة الخبراء لاعداد الرؤية الاقتصادية لاعمار السودان لفترة ما بعد الحرب.
خط أنابيب نقل النفط:
ويبلغ طول خط أنابيب تصدير النفط إنطلاقا من حقول الإنتاج في هجليج ومروراً بـ مصفاتي الأبيض والخرطوم وحتى ميناء بشائر على البحر الأحمر جنوب مدينة بورتسودان، يبلغ طول الخط (1610) كيلو متر، وبلغت سعة الخط 150 ألف برميل في المرحلة الأولى لتصل إلى 250 الف برميل يوميا عام 2000م ولدى الدولة خطان رئيسان لأنابيب التصدير يتجهان شمالًا عبر البلاد إلى محطة بشاير البحرية، التي تقع على بعد 15 ميلًا جنوب بورتسودان، ويمكنهما نقل 1.5 مليون برميل نفط يوميًا، وينقل الخط الأول النفط من حقول نفط هجليج المربعات (2 و 4 و 6) في السودان وحقول نفط( ثارجاث والوحده) في جنوب السودان إلى محطة بشائر البحرية، والثاني ينقل الخام من محطة (فلّوج) في حوض ملوط إلى محطة بشائر أيضًا، ويُعد خط أنابيب شركة نفط النيل الكبرى أحد خطوط أنابيب تصدير النفط المهمة في السودان، ويمتد لحوالي 1,600 كيلومتر (990 ميل) منها حوالي 1.8 كيلومتر في الماء، وتقع معظم منشآت تخزين النفط الخام والمنتجات المكررة في البلاد في ميناء بشائر، الذي يحتوي على محطة تخزين بسعة 2.5 مليون برميل يوميًا، وأخرى للتصدير والاستيراد بسعة تكرير 1.2 مليون برميل يوميًا، وبلغت تكلفة المشروع أكثر من مليار دولار، وقامت بتنفيذه عدة شركات أجنبية متخصصة، تعمل جميعها تحت إشراف شركة النيل الكبرى لعمليات البترول GNPOC وتم الانتهاء من تركيب الخط وافتتاحه في 30 يونيو 1999 م وتوقف الخط عن العمل بسبب الحرب التي يشهدها السودان حاليا.
شركة بابكو وخطوط الأنابيب:
وبالنسبة لشركة بابكو، يمكن القول إنها شركة سودانية تتبع لوازارة الطاقة والنفط وتدير خط الأنابيب الرئيسي الذي ينقل نفط دولة جنوب السودان، وخط أنابيب بترودار الذي اقامه اتحاد شركات يضم شركتي البترول الوطنية الصينية وسينوبك بالاضافة الى شركة بتروناس الماليزية لاكثر من (1500) كيلو متر من ملوط بأعالي النيل الى بورتسودان على ساحل البحر الاحمر، وهناك خط أخر ينقل النفط من ولاية الوحدة الى بورتسودان، وتفيد متابعات فريق التحقيق بأن قوات الدعم السريع سيطرت على محطة ضخ (PS4) العيلفون بتاريخ 6 - اكتوبر - 2023م وتضخ المحطة نفط السودان ودولة جنوب السودان عبر خطوط أنابيب تمتد الى ميناء التصدير في بورتسودان ، وذكر تجمع العاملين بقطاع النفط وفقا لبيان صادر عنه بتاريخ 7 - اكتوبر - 2023 أن قوات الدعم السريع اقتحمت محطة ضخ العيلفون التى تتبع لشركة بابكو، وبتاريخ 11 - سبتمبر – 2024م اتهمت قوات الدعم السريع القوات المسلحة باستهداف محطة العيلفون الناقلة لبترول دولة الجنوب وقالت قوات الدعم السريع وفقا لبيان صادر عنها ان طائرات مسيرة ضربت داخل محطة ( PS4 ) وتسبب ذلك في وقوع جرحى من العاملين داخل المحطة.
ويمتد من هجليج أنبوب للنفط بطاقة (450) ألف برميل يوميا لمسافة ألف ميل من حوض المجلد إلى ميناء بشائر في بورتسودان حيث يتم تصديره إلى دول مثل الصين، وقد تم تمديد الخط إلى جنوب السودان لينقل أيضاً نفط الوحدة والحقول الصغيرة المجاورة لهما، وبعد الانفصال، حصل السودان على رسوم نظير عبور نفط دولة جنوب السودان عبر خطوط الأنابيب إلى التصدير وفق الاتفاقية الموقّعة بين البلدين عام 2012، حتى انتهى العمل بها في مارس/ 2022، إذ كان يُنقل بموجبها النفط الخام من الجنوب مقابل 13 دولارًا للبرميل، تحصل عليها الخرطوم، وفي مايو/ 2022، بدأت المفاوضات بين البلدين على تجديد اتفاقية نقل نفط الجنوب مقابل 25 دولارًا للبرميل.
وذكر تجمع العاملين بقطاع النفط في بيان صادر عنه بتاريخ 21 - نوفمبر - 2024م ان انقطاع شبكة الاتصالات بالسودان بواسطة قوات الدعم السريع أدى الى انقطاع التواصل بين محطة ضخ شركة بابكو وخروج محطة ( PS05) مما أدى الى حدوث ثقبة فى الخط الناقل لمحطة نعيمة بولاية النيل الابيض، وبتاريخ 20 - اكتوبر - 2024م أعلنت وزارة الطاقة والنفط على صفحتها بالفيسبوك عن جاهزية السودان لنقل بترول دولة جنوب السودان الى العالم عبر ميناء بشائر ببورتسودان، وفيما بعد ذكرت وسائل الاعلام ان وزير الطاقة والنفط أبلغ دولة جنوب السودان رسميا بأن السودان لايستطيع الايفاء بالالتزامات فيما يتعلق بنقل نفط الجنوب عبر ميناء بورتسودان نتيجة لتعرض الانابيب لتمزيق وعدم التمكن من الوصول اليها بسب الوضع الامني، وفي ذات المنحى ذكر راديو تمازج بتاريخ 2 - نوفمبر - 2024م أن مدير شركة خطوط الانابيب السودانية قال أن حكومة الجنوب أبرمت صفقة منفصلة مع قوات الدعم السريع لتوفير الحماية لخط الانابيب والمدنيين ونقل الوقود وقطع الغيار، وتحصل فريق التحقيق على صور بالاقمار الصناعية ماخوذة من صفحة بلوبيل (Bluebell Multi-actives ) توضح زيادة حجم التسريب النفطي في محطة الضخ (5) النيل الابيض حيث بلغ طول التسريب (1,870) متر بدلا من (1,400) متر في ديسمبر الماضي وفقا لبلوبيل.
محطات التسخين والمعالجة:
ويحتاج عبور خام النفط عبر الانابيب من الحقل ليصل إلى ميناء بشائر في بورتسودان للتصدير لمحطات ضخ تساعد الخام علي الانسياب في الانابيب إضافة لمراجعة درجة الحرارة التي يجب أن تتراوح مابين (60 الى 70) درجة، ومن بين خطوط نقل الخام الموجودة في السودان خط نقل خام جنوب السودان الذي يأتي من منطقتي (عداريل وفلج) بدولة جنوب السودان لمحطة المعالجة المركزية بمنطقة الحبلين التي تقع جنوب ولاية النيل الابيض متجها نحو ميناء بشائر في بورتسودان، وتفيد متابعات فريق التحقيق أن طول الخط يبلغ أكثر من 1600 كيلو متر، وله (4) محطات ضخ في كل من (الجبلين، وود شلعي قرب منطقة نعيمة بالنيل الابيض ثم مرورا بالعيلفون بولاية الخرطوم وعطبرة بولاية نهر النيل) ويعتبر أكبر خط من ناحية السعه حيث يبلغ (32) بوصة، وهذا الخط متوقف عن نقل بترول جنوب السودان بسبب الحرب، وهناك إتهام يلاحق قوات الدعم السريع بأنها قامت بسرقة الجازولين في كل من محطتي (ودشلعي والعيلفون) الأمرالذي أدى لتوقف الكهرباء وتجمد الخام في الانابيب، وتخوف بعض الخبراء والمراقبون من خسارة السودان لاصول بقيمة حوالي (2.3) مليار دولار في خط شركة بشائر فقط في حالة استمرار توقف الخط إضافة الى خسارة ثقة المستثمرين الأجانب في المستقبل، وبحسب متابعات فريق التحقيق فإن السودان كان قد وقع مع دولة جنوب السودان اتفاقية تقضي بنقل (150) ألف برميل من النفط الخام مقابل رسوم عبور (24) دولار للبرميل مما يعني فقدان عائدات شهرية قد تصل إلى (100) مليون دولار في الشهر سيفقدها السودان نتيجة لتوقف الضخ في الخط.
خسائر خطوط نقل النفط:
وتفيد متابعات فريق التحقيق أن خطوط نقل خام النفط هي ثلاثة خطوط منها اثنان ممتدة من دولة جنوب السودان مرورا بالمصفاة ثم بورتسودان، وخط شركة بتروانرجي الصينية من حقل بليلة حتى المصفاة، وأشار خبير في مجال النفط فضل حجب إسمه إلى أن هذا الحقل متوقف تماماً بعد اندلاع الحرب ووصول الاشتباكات له بدخول قوات الدعم السريع لمطار حقل بليلة، ونوه ذات المصدر إلى توقف أحد الخطوط الكبيرة التي تنقل خام دولة جنوب السودان نسبة لحدوث تجمد في الخط، لافتاً إلى أن الخط لم يدخل الإنتاج والضخ حتى الآن رغم حل مشكلة التجمد، وأردف: (هذا الخط يحمل فقط إنتاج دولة جنوب السودان ويمر من الجبلين ناقلا انتاج حقول، عداريل - وفلج - وكل حقول مربعي ٣ و ٧) مرورا بمحطة كهرباء أم دباكر، ويحمل حوالي 70% من إنتاج دولة جنوب السودان، وهذا متوقف منذ فبراير عام 2024م، وبسبب توقف الخط ، توقف نقل خام دولة الجنوب أيضآ) وذكر الخبير النفطي أن الخط الثاني يأتي من منطقة هجليج ويحمل خام ولايات الوحدة وثارجاس، ويعمل على نقل إنتاج السودان في حقلي هلجيج وبامبو وانتاجهما حوالي (15 - 20) ألف برميل اما بقية الحقول متوقفة بسبب الحرب، وينقل ذات الخط خام جنوب السودان من ولايات الوحدة بدولة جنوب السودان ويصدر، وهذا الجزء الذي يقدر بحوالي 30% من إنتاج جنوب السودان، أما الخط الأكبر المتوقف من حقول شركة دار بتروليوم (بترودار) سابقا.
وأشار الخبير النفطي الى أن كمية إنتاج خط الانابيب المتوقف كان ينقل حوالي (100 – 110) ألف برميل يومياً عبر شركة بترودار سابقا، وكانت تأخذ حكومة السودان يوميا (14) ألف برميل لتشغيل محطة (أم دباكر) لتوليد الكهرباء و(14) ألف برميل أخرى للمصفاة للإنتاج وكانت حتى نهاية 2021م وأضاف المصدر: (بالاتفاقية القديمة يتم الخصم من مبلغ التعويض حسب اتفاقية نيفاشا نحو 3 مليار و200 ألف دولار تعويض لحكومة السودان عبر التقسيط مع البراميل وكانت يومياً تخصم (28) ألف برميل يوميآ لمحطة ام دباكر والمصفاة ولكن الاتفاقية انتهت والمبالغ تم سدادها بنهاية 2021م وكان هنالك خلاف بسيط في حساب الكميات بين وزارتي النفط في السودان وجنوب السودان) وأفاد ذات المصدر أن الخط الأخر الذي يعمل على نقل إنتاج دولة الجنوب بحوالي (60) ألف برميل في اليوم من حقول الوحدة وثارجاس إضافة إنتاج الشمال من حقول (هجليج وبامبو) يتراوح مابين (15 – 20) ألف برميل تقريباً، لافتاً إلى أن هذا الخط الذي ينتج حالياً، أما الخط الآخر صغير من بليلة للمصفاة وهو متوقف.
وبالنسبة لتكلفة النقل والعائد لحكومة السودان من النقل، أفاد الخبير النفطي بأن كل هذه الكميات حوالي (14) دولار للبرميل في اليوم، في السابق كان أكثر من (20) دولار ويضاف اليه (8) دولار للتعويض وحالياً هذا الامر إنتهى، وبالتالي عادت إلى (14) دولار جزء منها حكومية للمرور بالاراضي، وأوضح المصدر أن الخط المتوقف كان ينقل (110) ألف برميل، مبيناً أن هناك حوالي مليون ونصف دولار يومياً كان يجب أن تدخل لخزينة الدولة من نقل الخط المتوقف، إضافةً إلى الخط الآخر الذي ينقل حوالي (60) ألف برميل، وأردف: (هناك حوالي 750 ألف دولار في اليوم للخط الاخر، أما الوضع الطبيعي فان حكومة السودان تدخل حوالي 2 مليون و250 الف دولار في اليوم من خطوط النقل فقط نقل ومعالجة، أما تكلفة انشاء الخط إذا حدثت مشكلة كثيرة جدآ، والمصفاة يمكن أن تكلف حوالي 3 مليار دولار لإنشاء مصفاة جديده إضافة للزمن حال تدمر الخط يمكن أن يخسر السودان نحو 3 مليار دولار أخري لأن الخط طوله 1,600 كيلو متر).
ويرى المهندس محمد عبدالفتاح أن هناك خسائر كبيرة في قطاع النفط، ودمار للحقول في شرق دارفور وغرب كردفان وهذا الامر يتطلب معرفة حجم الدمار والتكلفة، وهناك تكلفة غير مباشرة مثلا حقل منتج وتوقف عن العمل وحرمنا من الاستفادة من الإنتاج لمدة محددة، وهناك تكلفة ثالثة لفترة سنوات طويلة بعد اكتساب خبرة وسمعة لسنوات طويلة وثقة من شركاء الإنتاج (المقاول، والمورد، المستثمر) هؤلاء ليس بالسهولة إعادة ثقتهم وعدد كبير منهم قرر نقل استثماراتهم الى دول أخرى وهذه اشكالية كبيرة جدا تواجهنا، وايضا فقدان الكادر البشري وأضاف: (لو تحدثنا عن الخسائر بالتأكيد تقدر بالمليارات غير الإنتاج قبل الحرب كان يقدر بأكثر من 40 الف برميل وحاليا لايتجاوز 20 الف برميل) وأضاف: (هناك مواد كثيرة خسرناها بالنسبة للسودان مواد كيميائية، تستعمل في دورة الإنتاج وجزء منها تدمر واخر فقد الصلاحية) فيما أشار خبير نفطي أخر إلى الخسائر الكبيرة التي تعرض لها قطاع النفط، وفقدانه للخبرات المتراكمة التي اكتسبتها الخبرات السودانية في مجال النفط والتي سيفقد السودان جزء كبير منها لجهة أن الغالبية هاجر الى الخارج.
شركة النيل للبترول:
وتفيد متابعات فريق التحقيق بأن شركة النيل للبترول هي شركة مملوكة لوزارة الطاقة والنفط ووزارة المالية، وهي الشركة التي تقوم باستيراد وتوزيع المنتجات البترولية، ولها منافذ توزيع عبر مستودعات استراتيجية ومحطات خدمة بترولية في كافة أنحاء البلاد، وتمتلك الشركة قبل الحرب ثلاثة مستودعات استراتيجية في كل من (بورتسودان، الشجرة، والجيلي) وتمتلك (18) مستودع ولائي و(29) مستودع غاز و(250) محطة خدمة بترولية منتشرة في العاصمة والولايات ومعظم هذه المنشآت تم تدميرها، ونشر تجمع العاملين بقطاع النفط بتاريخ 28 – نوفمبر – 2023م صور توضح حجم الحريق والدمار الذي تعرضت له شركة النيل للبترول داخل مصفاة الجيلي جراء حريق، وتداولت موقع وسائل الاعلام اندلاع حريق ضخم ببرج شركة النيل للبترول بالخرطوم بتاريخ 17 -– سبتمبر - 2023م نتيجة للقتال الدائر بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، وذكرت وسائل الاعلام تبادل الاتهامات بين القوات الملسحة وقوات الدعم السريع، وقالت قوات الدعم السريع ان طيران الجيش قذف البنية التحتية، فيما قالت القوات المسلحة ان قوات الدعم السريع تتمادى في تدمير والخراب بشكل ممنهج ، وقامت وزارة الطاقة والتعدين بانشاء مكاتب لشركة النيل ببورتسودان بعد فقدانها معظم البنية التحتية في الخرطوم والولايات وتعتبر شركة النيل للبترول من أكبر شركات التوزيع في السودان بحسب متابعات فريق التحقيق.
حجم خسائر قطاع النفط:
وتفيد لجنة الخبراء لاعداد الرؤية الاقتصادية لاعمار السودان لفترة ما بعد الحرب، بأن الخسائر في قطاع النفط بلغت حتى الان حوالي (18) مليار دولار تمثل حوالي 30% من تكلفة البنية التحتية الكلية في قطاع النفط البالغة (55) مليار دولار، وكشفت لجنة الخبراء عن توقف جزء كبير من الحقول المنتجة للنفط لاسيما في غرب السودان بسبب الحرب مما أدى الى تناقص الانتاج النفطي بعد خروج عدد من الحقول المنتجة للنفط من دائرة الإنتاج بعد دخول قوات الدعم السريع الى هذه الحقول وتعطيل العمل الامر الذي ادى الي تدني مستوى الانتاج اليومي من (47) ألف برميل الى حوالي (21) ألف برميل في اليوم، مما فوت الفرصة على البلاد من إنتاج حوالي (7) مليون برميل من خام النفط حرمت البلاد من إنتاجها بسبب استمرار الحرب.
تدمير منشأت الصناعة النفطية:
وفي ذات المنحى تأسف الدكتور حامد سليمان وكيل وزارة الطاقة والنفط السابق على تدمير المنشآت الصناعة النفطية وقال : (للاسف تم استهداف هذه المنشات عمدا احيانا بشكل مباشر، أو غير مباشر كما خلقت الحرب بيئة غير آمنة للعمال، واثرت في أستقرار إمدادات المواد الاستهلاكية اللازمة للتشغيل، بجانب تعطيل شبكة الاتصالات، مما أدى بدوره إلى إغلاق عدد من المربعات البترولية المنتجة، تعطل وتوقف عدد من المنشآت ودمار ونهب وسرقة العديد من المنشآت) وإعتبر حامد قطاع النفط من أكثر القطاعات تضررا من الحرب المندلعة في السودان منذ 15 أبريل 2023م مشيرا إلى التوقف الكامل لبعض المربعات المنتجة مثل مربع (6) الذي ينتج حوالي (20) ألف برميل يوميا، ومربع 4 (جزئيا) الذي ينتج حوالي (15) ألف برميل يوميا، مؤكدا نهب أثاث مكاتب ومرافق المعالجة المركزية في بليلة، ومخازن المعدات ومعدات التشغيل وقطع الغيار في مربع (6).
وأشار الدكتور حامد سليمان إلى ان الدمار شمل منشآت مصفاة الخرطوم، ومصنع البتروكيماويات الملاصق للمصفاة، ومباني وزارة الطاقة والنفط والتي تضم معامل النفط المركزية ومراكز التدريب النفطي ومركز المعلومات، كما تم تدمير أبراج الشركات النفطية في منطقة المقرن وماتحتويه من مخدمات معلوماتية، وأصاب التدمير والخراب والسرقة مصفاة الأبيض، ومستودعات التخزين الاستراتيجية في الجيلي، ومركز التحكم ومستودعات شركات التوزيع، والتدمير الكامل لحقل دفرا وآخرها إغلاق خط أنابيب شركة بابكو الذي ينقل نفط دار الخام من جنوب السودان من مربعات (3 و 7) والذي تشغله شركة DPOC وهو كونسورتيوم يضم شركة نايليبت وسي.إن.بي.سي الصينية وسينوبك وبتروناس الماليزية وتراي اوشن المصرية بإنتاج يومي يبلغ 95000 برميل يوميا، ويتم نقل الخام إلى الميناء البترولي البحري في محطة بشائر ٢ على البحر الأحمر التي تعبر أراضي السودان خط أنابيب ~ 1600 كم الطول الإجمالي.
إغلاق خط أنابيب بابكو:
وأوضح حامد أن إغلاق خط أنابيب بابكو في مارس 2024 تم بسبب نقص امدادات الديزل في محطة الضخ 4(العيلفون) الذي يستخدم في تشغيل السخانات Heaters لتسخين النفط الخام قبل ضخه لمنع التجمد في الانابيب، وتسبب ضخ الخام دون تسخين من محطة الضخ رقم 4(العيلفون) في تجمد الخام في المنطقة الواقعة بين محطة الضخ 4 ومحطة الضخ 5 مما أدى بدوره إلى تراكم ضغط بمعدلات تتجاوز الحد الأقصى المسموح به لضغط التشغيل وبالتالي أدى إلى تمزق خط الأنابيب في المنطقة الواقعة بين محطة الضخ 4(العيلفون) ومحطة الضخ رقم 3 (نعيمة) Pipe rupture مما سبب تسرب الخام من خط الانابيب نتيجة لذلك أخطرت وزارة الطاقة والبترول السودانية حكومة الجنوب بأنها لاتستطيع الوفاء بالتزامها في تسليم النفط الخام في أو عبر خط أنابيب بابكو إلى محطة بشائر 2 بسبب الظروف القاهرة، وأشار حامد إلى أن الدمار في القطاع أدى لخسائر في أصول وبنيات تحتية هامة، كما ادى لإنخفاض النشاط الاقتصادي بمناطق الأنتاج وادى إلى نزوح واسع النطاق ومصاعب للكثير من السكان، منذ بداية الحرب التي تشهدها البلاد حاليا، وتأثرت أيضا بهذا الصراع دولة جنوب السودان وفقدت العملة هنالك قيمتها بسرعة وتسببت في زيادة أسعار المواد الغذائية المستوردة والتي تفاقمت بسبب إغلاق الأسواق وانقطاع طرق التجارة شمالا.
خسائر وآثار ممتدة وعجز مالي:
وبحسب ما أفاد حامد فإن توقف مبيعات النفط أدى إلى عجز مالي كبير بالنسبة لدولة جنوب السودان، وتقدر الخسارة بنحو (5.7) مليون دولار أمريكي يوميا بسبب إغلاق خط أنابيب بابكو، حيث يأتي ما يقارب 70٪ من إيرادات الحكومة من مبيعات مزيج الدار، وفي الوقت نفسه تواجه حكومة السودان توقف الإيرادات المتصلة بالنقل والمعالجة والرسوم السيادية، والتي تصل بشكل تراكمي إلى (9.1) دولار أمريكي للبرميل وتوقف سداد رسوم الترتيبات المالية الانتقالية (TFA) مما يؤدي إلى خسارة يومية تقريبية قدرها (865,000) دولار أمريكي، وفيما يلي خسائر الإنتاج والتشغيل يؤكد حامد أن توقف الإنتاج جزئيا أو كليا في المربعات (1 و 2 و 4 و 6 و 17 ) أدى إلى خسارة تقدر بحوالي (35000) برميل يوميا، أي ما يعادل حوالي (2.5) مليون دولار أمريكي من الإيرادات اليومية، وسلط حامد الضؤ على الآثار البيئية للحرب حيث أدى نقص وشح غاز الطبخ الى لجؤ الناس للحطب وقطع الأشجار، مما سيكون له آثار بيئية ممتدة على الغطاء النباتي، اضافة الى الزحف الصحراوي والتغيرات المناخية، ونوه الى ان آثار الحرب على قطاع النفط تشمل هجرة ونزوح عدد كبير من الكوادر المؤهلة بالقطاع مما يعد نزيف بشري للعاملين المتخصصين، وأشار الى أن عدم استقرار امدادات المواد البترولية أثر في تقلص الرقعة المزروعة وارتفاع تكاليف العمليات الزراعية، الأمر الذي إعتبره بدوره سيسهم في عدم توفر المنتجات الزراعية ويهدد الأمن الغذائي.
المطالبة بمصفاة في الفولة:
وفي 27 - يناير - 2025م قال مستشار قائد قوات الدعم السريع الباشا طبيق، بعد إستهداف طيران الجيش السوداني لمصفاة الجيلي لتكرير النفط شمال الخرطوم وتدميره بصورة شبه كاملة، يجب العمل على بدء حوار مع الشركات الصينية العاملة في إستكشاف وإستخراج البترول من ولاية غرب كردفان لبناء مصفاة جديدة في مدينة الفولة حاضرة ولاية غرب كردفان منطقة إنتاج النفط، مؤكداً ان بناء مصفاة (الجيلي) التي تبعد عن منطقة الإنتاج أكثر من ألف كيلو متر هو نهب لثروات الهامش بغرض تنمية مناطق شمال السودان وترك مواطني مناطق الإنتاج يقبعون في مستنقع الفقر والعطش والجوع والمرض بسبب التلوث البيئي المصاحب لإنتاج النفط، مشدداً على أن مصفاة الجيلي لا يمكن أن يدخلها خام بعد اليوم، وأضاف قائلاً: (إنتهى زمن الهيمنة السياسية والعسكرية والإقتصادية في السودان إلى الأبد بإذن الله) وبالنسبة لتصدير النفط، أكد الباشا أنه سيتم بإتفاقيات جديدة وبمشاركة دولة جنوب السودان والأمم المتحدة، وإلا سيتم إغلاق أنابيب تصدير النفط نهائياً.
تدمير ممنهج لقطاع النفط:
وبالنسبة للخبير الاقتصادي هيثم فتحي فأنه يرى أن استمرار الحرب وتوسع رقعة التدمير الممنهج للبنية التحتية لقطاع النفط يدفع القطاع الى نفق مظلم لن يكون الخروج منه أمر ممكن قريبا ، وأفاد فتحي بأن اعادة تأهيل قطاع النفط الذي جرى تدميره خلال الحرب يكلف (5) مليارات دولار، مع تدني الإنتاج النفطي طوال هذه الفترة، ما أدى إلى فقدان حوالي (7) ملايين برميل نفط حُرمت البلاد من إنتاجها بسبب الحرب، وقال فتحي ان مصفاة الجيلي من كبريات المصافي في السودان، وترتبط بخط أنابيب للتصدير بميناء بشائر على ساحل البحر الأحمر شرقي السودان بطول 1610 كيلومترات، وتبلغ طاقتها الإنتاجية (100) ألف برميل يوميا، وتنتج نحو (10) آلاف طن من الجازولين و(800) طن من غاز الطهي يوميا، وتعرضت المصفاة ومستودعات النفط ومكاتب الشركات ومركز التحكم ومستودعات المشتقات الإستراتيجية، وخط الأنابيب للتخريب، وتقدر خسائر التوقف بنحو( 5) ملايين دولار يوميا.
وأوضح فتحي أن السودان يحصل على رسوم مقابل نقل نفط جنوب السودان (170 ) ألف برميل يوميا عبر خط الأنابيب السوداني إلى ميناء بشائر على ساحل البحر الأحمر، وإتهم فتحي قوات الدعم السريع بتدمير الروابط اللوجستية وأنابيب النقل بين حقول النفط في جنوب السودان والميناء، بجانب سيطرتها على منطقة العيلفون في شرق الخرطوم، التي توجد بها إحدى محطات ضخ نفط الجنوب، مما أدى إلى توقف ضخ إنتاج النفط، وادي إلى تحمل الدولة كل تكاليف استمرار التيار الكهربائي منذ عام تقريبا، وقال هيثم أن الدمار الذي طال مؤسسات قطاع النفط سيسبب للسودان معاناة كبيرة لجهة ان الاضرار ضخمة اقتصاديا وببيئيا وربما تطال العاملين داخل المنشات النفطية وخارجها، واضاف ان الحرب اثرت على اقتصاد ومصالح السودان ودولة الجنوب، والتي ضاعفت من تداعيات النزاعات داخلها، ما أدى إلى تراجع صادرات جوبا من النفط إلى (150) ألف برميل يوميا من (350) ألفا قبل ذلك.
وبحسب فتحي فإن عائدات السودان البالغة نحو (300) مليون دولار سنويا تأثرت بسبب الحرب، فيما يعتبر خط تصدير النفط المتضرر الأطول في أفريقيا، حيث بلغت تكلفة إنشاؤه نحو (1.8) مليار دولار، وهناك مخاطر تعرض خطوط نقل النفط المتبقية للتلف، مما يعيق اتفاق نقل النفط الخام من مناطق الإنتاج إلى موانئ التصدير، والذي تحكمه اتفاقيات دولية، واكد فتحي تعرض الاقتصاد بسبب الحرب لاستهداف وتدمير طال البنى التحتية، بما في ذلك مصفاة الجيلي الرئيسية التي كانت تنتج نحو (100) ألف برميل يوميا، وأفاد فتحي بأن دولة جنوب السودان تمتلك ثالث أكبر احتياطيات نفطية في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، لكنها تعتمد على السودان الذي انفصلت عنه في عام 2011 لبيع نفطها عبر شبكة خطوط الأنابيب ومصافي التكرير والموانئ، مؤكدا ان قطاع النفط يلعب دوراً مهماً في الاقتصاد السوداني، ويعتبر مصدر الدخل الأساسي للبلاد، نظراً لامتلاكها موانئ عدة على البحر الأحمر، وهو ما يسهّل عمليات التصدير إلى الخارج مشيرا الى ان السودان يُنتج نحو (60) ألف برميل نفط يومياً، بعد انفصال جنوب السودان، وحيازة الدولة الجديدة نحو ثلاثة أرباع الإنتاج النفطي، وتمتد تداعيات الحرب إلى دول خارجية، مثل الصين التي تأثرت وارداتها من النفط السوداني والجنوبي، حيث كانت تستورد نحو 66% من صادرات نفط جوبا.
فيما قال الخبير الاقتصادي محمد الناير أن التدمير الذي حصل لقطاع النفط تدمير كبير خاصة تدمير خطوط الانابيب التي تعطلت وتوقفت وأضاف ان التأثير لم يقتصر على السودان بل تأثر بترول دولة جنوب السودان الذي يصدر عبر الاراضي السودانية، وقال الناير ان احتلال مصفاة الجيلي وتوقف عملها أثر على اقتصاد السودان لان إنتاج المصفاة تغطي حوالي 60% من الاحتياج المحلي للنفط، واضاف ان النسبة تتراوح مابين البنزين والجازولين والغاز، مشيرا الى أن هناك مايغطي اكثر من 50% الى 60% وان 50% من مشتقات النفط الخام تغطي احتياجات السودان، وهذه احد عوامل تراجع قيمة العملة الوطنية بصورة كبيرة، واكد تأثر قطاع النفط في البنية التحتية والمنشآت، مؤكدا ان قطاع النفط في السودان تكلفته عالية وهو من الاستثمارات التي ضخت في بداية الانتاج ما بين (16- 20) مليار دولار، وحاليا ثأثر بصور كبيرة.
تحليل الحصص وإتجاهات النمو:
وذكر تقرير حجم سوق النفط والغاز في السودان تحليل الحصص والاتجاهات وتوقعات النمو في الفترة من 2024 – 2029م أنه بسبب انفصال جنوب السودان تأثر اقتصاد السودان وفقد 75%من احتياطياته النفطية لصالح جنوب السودان، بجانب انخفض إنتاج النفط في السودان منذ الانفصال، وكشف تقرير شركة موردور للاستشارات السوقية حول حجم سوق النفط والغاز في السودان وتوقعات النمو في الفترة من 2024 – 2029م كشف عن انخفاض إنتاج النفط الخام بنسبة 38,5% من (109) ألف برميل يوميا في العام 2015 إلى (67) الف برميل يوميا في العام 2021 وأشار التقرير الى نقص الاستثمار في النفط والغاز، موضحا سيطرة شركتي سودابت وسوداغاز المملوكتين للحكومة، ونبه التقرير الى أن استبدال قيادة الشركتين لعدة مرات منذ العام 2019 بسبب افتقار الحكومة للموارد المالية وعدم القدرة على دفع أجور المقاولين، مبينا أن هذه الظروف أعاقت نمو سوق النفط والغاز في السودان، وتوقع التقريرأن يسجل سوق النفط والغاز معدل نمو سنوي مركب أقل من 15% خلال الفترة المتوقعة من 2024 – 2029م وأكد التقرير أن اللاعبون الاساسين في سوق النفط والغاز هم شركة النفط والغاز الطبيعي، ومؤسسة البترول الصينية، ومؤسسة البترول الوطنية السودانية، وشركة سوناجاس وشركة بترودار.
نفط السودان على شفا الإنهيار:
وما بين هذا وذاك أصبح نفط السودان على شفا الانهيار مهدداً البلد بالخروج من نادي منتجي البترول خلال الفترة المقبلة نتيجة للمعارك المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي من خلالها توقف إنتاج نتاج دولة جنوب السودان بشكل جزئي، وتناقص إنتاج السودان إلى 20 ألف برميل في اليوم، مع انسداد الأفق نحو تسوية قريبة يمكن من خلالها استئناف عمليات الضخ مجدداً، وجراء الحرب التي تشهدها البلاد حاليا تأثرت خزينة الدولة العامة سلباً لاعتمادها على رسوم تصدير نفط جنوب السودان البالغة 1.5 مليون دولار شهرياً، بما يشكل ضغطاً على الميزانية ويُلقي أعباءً جديدة، في ظل استمرار الحرب.