واقع التعليم بولاية غرب كردفان فى ظل الحرب
آلاف الطلاب محرمون من امتحانات الشهادة السودانية للعام ٢٠٢٣م
مرصد حرب السودان : غرب كردفان
ما من قطاعٍ فى السودان أصابه العطب والشلل التام وتأثّر بحرب الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م بين الجيش والدعم السريع، كما تأثر بها قطاع التعليم.
فبسبب استمرار حرب المدن بين طرفيها تدّمرت البنيات التحتية بعامل دوِىُّ المدافع، وأزيز القنابل وقصف الطيران وترك الطلاب والطالبات مقاعد الدراسة، ولقى بعضهم حتفه داخل حجرات الدراسة.
وتمثّلت ثالثة الأثافى فى هجرة المعلمين والمعلمات الركن الركين فى العملية التعليمية، أصبح معظم المعلمين والمعلمات مابين نازحٍ ولاجئٍ، وحتى أولئك الذين يعملون بالولايات الآمنة، ظلوا يجأرون من عدم صرف مستحقاتهم المالية المتراكمة لشهورٍ عديدة.
كما غاب الكتاب المدرسى والذى بدونه لن تستقيم العملية التعليمية، رغم استعاضة الوزارة بمنهج التعليم الالكترونى باهظ التكاليف والذى لا يقوى عليه السواد الأكبر من الطلاب والطالبات.
ومع اصرار وزارة التربية والتعليم من مقرها بمدينة بورتسودان على إجراء امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة للعام ٢٠٢٣م، والمُحدّد لانطلاقتها فى يوم السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤م القادم وتُخْتَتم يوم الأربعاء الموافق ٨ يناير ٢٠٢٥م.
يبدو المشهدُ قاتماً بولاية غرب كردفان التى تعطّلت فيها الدراسة، واغلّقت المدارس أبوابها منذ وصول الحرب إلى تخوم محلياتها الأربعة عشر، فخرج التعليم عن الخدمة بجميع مدن وقرى محليات الولاية، عدا مدينة النهود العاصمة المؤقتة للولاية، والتى تشهد مدارسها استقراراً وقد شارف العام الدراسى بها على الانتهاء.
كما أنها المدينة الوحيدة التى سيجلس طلابها وطالباتها لامتحان الشهادة السودانية المؤجل للعام ٢٠٢٣م، ومعهم الطلاب النازحين الذين نزحوا إليها من داخل ولاية غرب كردفان وبقية أنحاء السودان، يُضاف إليهم طلاب بعض محليات ولاية شمال دارفور.
لذلك سيُسلط هذا التقرير الضوء على واقع التعليم بولاية غرب كردفان فى ظل أزمنة الحرب والتحديات التى تُواجه الطلاب والطالبات الذين يتأهبُون للجلوس لامتحانات الشهادة السودانية المؤجلة للعام ٢٠٢٣م.
واقع التعليم بمحليات جنوب ولاية غرب كردفان
باستيلاء قوات الدعم السريع على مدينة الفولة حاضرة ولاية غرب كردفان بعد سقوط حاميتها العسكرية مقر اللواء ٩١ مُشاة التابع للفرقة ٢٢ مشاة ببابنوسة بتأريخ الخميس الموافق ٢٠ يونيو ٢٠٢٤م، أحكمت قوات الدعم السريع سيطرتها على محليات ولاية غرب كردفان الجنوبية وهى ( الفولة والمجلد والدبب والميرم ولقاوة والسنوط وكيلك) لتبقى فقط محلية بابنوسة والتى يُسيطر الدعم السريع على جميع ادارياتها كالقنطور والتبون عدا، مدينة بابنوسة مقر رئاسة الفرقة ٢٢ مُشاة التى يُسيطر عليها الجيش.
واقعُ التعليم بالمحليات السبع مُزرٍي جداً، فقد توقّفت العملية التعليمية تماماً، وأوصدت المدارس أبوابها، وأصبح مصير الطلاب والطالبات الممتحنين للشهادة السودانية للعام ٢٠٢٣م مجهولاً.
بينما قالت احدى المعلمات بالمرحلة الثانوية فضّلت حجب اسمها ل ’’ مرصد حرب السودان ‘‘ أنّها اضطرت للنزوح إلى محلية لقاوة بعد اندلاع المعارك بمدينة بابنوسة، وقامت بدفع رسوم الامتحانات لابنتها المُمتحَنة لامتحانات الشهادة السودانية المؤجلة للعام الدراسي ٢٠٢٣م، ضمن المساق العلمى، ولكنها حتى الآن لاتعرف مصير ابنتها، وقالت أن معظم الطلاب والطالبات بمحلية لقاوة لا يعرفون مصيرهم حتى الآن.
ويقول العم حماد جمعة ل ’’ مرصد حرب السودان ‘‘ أن لديه ولدين مُمتحَنين لامتحانات الشهادة السودانية المؤجلة، وسبق، أن قام بسداد رسوم الامتحانات عندما كانا يدرسان بمدارس الفولة، ولكن نسبةً لعدم قدرته على تسجيلهما وحصرهما ضمن الطلاب الذين سيجلسون للامتحانات بمدينة النهود، فإن ابنيه قد يفقدا فرصتهما فى الجلوس للامتحانات المؤجلة.
وفى السياق ذاته قالت المواطنة درية جديد التى نزحت إلى مدينة أبوزبد رفقة ابنتيها المُمتحنات لامتحانات الشهادة السودانية المؤجلة ل ’’ مرصد حرب السودان‘‘ أن مصير ابنتيها أصبح مجهولاً، لأنها لم تتمكن حتى الآن من تسجيلهما للجلوس للامتحانات المؤجلة، سيما، وأن الوزارة حدّدت اليوم الأحد الموافق ١٧ نوفمبر ٢٠٢٤م، كآخر موعد لحصر وتسجيل الطلاب والطالبات الذين سيجلسون لامتحانات الشهادة السودانية المؤجلة للعام الدراسي ٢٠٢٣م.
وقالت درية أن ابنتيها فى حالةٍ نفسية يُرثَى لها لاحساسهن بأنهُنّ سيُحرمنّ من مواصلة تعليمهنّ لأسبابٍ لا ناقة لهُنّ فيها ولا جمل.
ورشة لاستئناف العملية التعليمية بالفولة
نظّمت الإدارة المدنية بولاية غرب كردفان بتأريخ ٥ نوفمبر ٢٠٢٤م الجاري، ورشة تفاكرية لاستئناف العملية التعليمية بالولاية، شرّفها حضوراً، كلٌّ من الأستاذ يوسف عوض الله عليان رئيس الإدارة المدنية بالولاية، و الأستاذ عزالدين أحمد دفع الله رئيس مجلس التأسيس المدنى، و الأستاذ حامد حامدين النويرى رئيس استشارية الدعم السريع بالولاية والناظر عبدالمنعم موسى الشوين ناظر عموم قبائل المسيرية الحُمر الفلايتة، والجنرال محمد عبدالرحمن الرزيقى قائد منطقة الفولة العسكرية، وقائد قوات الشرطة والقاضى المقيم والمعلمين والمعلمات ورؤساء المجالس التربوية والذين أبدوا استعدادهم الكلى لاستئناف العملية التعليمية بالولاية.
وقدّمت اللجنة الفنية المشرفة على الورشة برئاسة الأستاذ أحمد عثمان مدير المرحلة الثانوية بالولاية ورقة حوت جميع مطلوبات استئناف العملية التعليمية بالفولة من حصرٍ للمعلمين والمعلمات بجميع المراحل ( ابتدائية ومتوسطة وثانوية) بجانب حصر المدارس وأهليتها لاستقبال الطلاب والطالبات، بالإضافة إلى إعداد الميزانية المطلوبة لتسيير المدارس والتقويم الدراسى.
وقدّمت الورشة عدداً من التوصيات تمثّلت فى: إعفاء التلاميذ والتلميذات والطلاب والطالبات من الرسوم الدراسية، والتواصل مع الوكالات الأممية والمنظمات الدولية للتدخل ودعم العملية التعليمية، و توزيع المعلمين على المدارس وفقاً لحوجة كل مدرسة، و التأمين على الجهد الشعبى لدعم العملية التعليمية فى هذه المرحلة الحرجة، و استخدام وسائل الإعلام المختلفة لاعلام الطلاب والطالبات للحضور إلى المدارس.
و تأهيل مراكز التدريب المهنى لاستيعاب الطلاب خارج السُّلم التعليمى، ومناشدة كل المجتمع للمساهمة فى تجميع أثاثات المدارس التى تمت سرقتها وتحفيز كل من يُساهم فى ذلك، إقامة ورشة تدريبية لدعم وتأهيل المعلمين والمعلمات نفسياً، وتنظيم نفرة لاستقطاب الدعم المالى من التجار بالأسواق لدعم العملية التعليمية، واستكمال المجالس التربوية بالمدارس.
في ذات الوقت، خاطب الأستاذ يوسف عليان رئيس الإدارة المدنية بالولاية الورشة وأمّن على جميع التوصيّات التى خرجت بها، ووعد بتوفير جميع الامكانيات، وتذليل كافة العقبات حتى تنتظم العملية التعليمية بالفولة، ومن ثمّ تعميم التجربة لتشمل بقية محليات الولاية الأخرى.
كما تعهّد اللواء محمد عبدالرحمن الرزيقى قائد منطقة الفولة العسكرية ببسط الأمن، وتوفير جميع الظروف الأمنية المؤاتية لافتتاح المدارس وضمان استمراريتها.
واقع التعليم بمحليات شمال الولاية
واقع التعليم بمحليات شمال ولاية غرب كردفان ليس بأفضل حالٍ من محليات جنوب الولاية باستثاء مدينة النهود والتى يشهد التعليم فيها استقراراً كبيراً، و ذلك بفضل حالة الاستقرار الأمنى الذى تعيشه المدينة.
واستطاعت وزارة التربية والتوجيه من إقامة الامتحانات التجريبية لطلاب وطالبات المرحلتين الابتدائية والمتوسطة فى السابع من أكتوبر ٢٠٢٤م الماضى، ثم عقدت امتحانات النقل النهائية للفصول الدنيا بالمراحل الثلاث وتلت ذلك بعقد امتحانات الشهادة الابتدائية فى الثانى من نوفمبر ٢٠٢٤م.
وشَهِدَ يوم السبت الموافق ١٦ نوفمبر ٢٠٢٤م، انطلاق امتحانات الشهادة المتوسطة والتى جلس لها ٩٩٥ طالباً وطالبة بمدينة النهود بينهم ٢٠٠ طالباً وطالبة من النازحين الذين تستضيفهم مدينة النهود.
النهود تكملُ جاهزيتها لانطلاق امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة
أكدّ الأستاذ أحمد رحمة الله الإمام المدير العام لوزارة التربية والتوجيه بولاية غرب كردفان لدى مخاطبته انطلاق امتحانات الشهادة المتوسطة يوم السبت الموافق ١٦ نوفمبر ٢٠٢٤م بمدرسة الاسماعيلى المتوسطة بنين استعداد مدينة النهود لانطلاق امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة للعام الدراسي ٢٠٢٣م، وحمايتها وحماية الطلاب والطالبات وتوفير البيئة الملائمة التى تساعدهم على أداء الامتحانات بكل كفاءة وطمأنينة.
كما أكدّ احمد استعداد محلية النهود التام لاستقبال واستضافة طلاب محليات أم كدادة والكومة واللِّعيت و الطويشة من ولاية شمال دارفور الذين سيجلسون للامتحانات بولاية غرب كردفان.
وأرسل الأستاذ أحمد رحمة الله رسالة لأولياء أمور الطلاب والطالبات يُطمئنهم فيها ويحُثّهم على الاسراع فى تسجيل أبنائهم وبناتهم حتى يتمكنوا من الجلوس للامتحانات، وأن اليوم الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠٢٤م، هو آخر يوم للتسجيل وحصر الطلاب والطالبات.
ومؤكدِّاً أن الوزارة وحكومة الولاية والحكومة المحلية واللجنة الأمنية وأمارة عموم قبائل دار حمر وقوات الاحتياطى والمُستنفرِين عقدوا العزم ويعملون بجهدٍ وعزمٍ لتوفير البيئة، وكل المعينات لانجاح امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة للعام الدراسي ٢٠٢٣م بولاية غرب كردفان.
وقال بأن الوزارة ستقوم بنشر الكشوفات النهائية للطلاب والطالبات المُمتحَنين بالولاية بعد انقضاء المدة النهائية التى حددتها الوزارة لحصر، وتسجيل الطلاب والطالبات المُمتحَنين والتى تنتهى بنهاية يوم الأحد الموافق ١٧ نوفمبر ٢٠٢٤م.
وأكدّ أن الطلاب والطالبات غير مطالبين بسداد أية رسوم جديدة للامتحانات لأنهم سبق وأن قاموا بتسديدها من قبل.
صور لمرصد حرب السودان من لجنة استئناف العملية التعليمية بولاية غرب كردفان: