تقريرٌ متسلسل: الدعم السريع يوسع سيطرته بولاية غرب كردفان (١ – ٢)
لم يتبقْ للجيش سوى حاميات هجليج ولقاوة ورئاسة الفرقة (٢٢) مُشاة ببابنوسة
تقريرٌ متسلسل: الدعم السريع يوسع سيطرته بولاية غرب كردفان (١ – ٢)
لم يتبقْ للجيش سوى حاميات هجليج ولقاوة ورئاسة الفرقة (٢٢) مُشاة ببابنوسة
سودان وور مونيتور
باستيلاء قوات الدعم السريع بقطاع غرب كردفان بقيادة العقيد التاج التجاني قائد القطاع على حامية الميرم العسكرية مقر قيادة اللواء (٩٢) يوم الأربعاء الموافق ٤ يوليو ٢٠٢٤م إثر انسحاب قوات الجيش البالغ عددها ٢٢٠٠ عسكرى من جنودٍ وضباط وضباط صفًّ ومُستنفَرِين وتوغلِّهم ناحية بلدة مجوك التابعة لولاية شمال بحر الغزال بدولة جنوب السودان، تكون قوات الدعم السريع قد بسطت سيطرتها على أجزاء واسعة من ولاية غرب كردفان (شرقها وغربها وشمالها ووسطها وأخيراً جنوبها) لتقترب أكثر وأكثر من الاستيلاء والهيمنة على كامل الولاية حيث لم يتبقْى سوى حاميات هجليج مقر اللواء (٩٠) مُشاة والنهود مقر اللواء (٨١) مُشاة/هجّانة (لواء النهود يتبع للفرقة الخامسة مُشاة الشهيرة بالهجّانة بالأبيض بشمال كردفان) وحامية لقاوة مقر الكتيبة (٤٦٨) التابعة للواء (٩١) / بليلة ورئاسة الفرقة (٢٢) مُشاة ببابنوسة والتى يتبعُ لها الحاميات المتبقية.
التّسلسُل التاريخي لسيطرة الدعم السريع على حاميات الفرقة ٢٢ مُشاة
رغم أن الحرب بين الجيش والدعم السريع قد انطلقت أُولى فوهاتِ نيرانها بالخرطوم عاصمة السودان لحظة اندلاعها بتأريخ ١٥ أبريل ٢٠٢٣م ولكنها سُرعان ما تمدّدت كالنار في الهشيم لتعم أجزاء واسعة من السودان حتى وصلت تُخوم ولاية غرب كردفان لأول مرة عندما قامت قوة من الدعم السريع بقيادة المُقدّم وقتها حسين برشم بالاستيلاء على محليتى أبوزبد والسنوط الواقعتين وسط ولاية غرب كردفان في بداية شهر أكتوبر ٢٠٢٣م دون مُقاومةٍ تُذْكَر لخُلُو المحليتين من أىِّ وجودٍ عسكري، بل تُعتبر المحليتين الوحيدتين الواقعتين بشمال وسط الولاية و لا تُوجد بهما حاميات عسكرية.
ساهم احتلال الدعم السريع لمحليتى أبوزبد والسنوط والتحامهم مع سكان المحليتين اللتين ينحدر منهما قائديهما (حسين برشم ويعقوب ماكن) في توفير مِنصّة عسكرية انطلق منها الدعم السريع لخوض أولى معاركه العسكرية بغرب كردفان، عندما قامت قوة بقيادة المقدم حسين برشم بالهجوم على بوابة منطقة تقاطع طيبة التي تربط بين ولايات (غرب وجنوب وشمال) كردفان بتأريخ الخميس الموافق ١٥ أكتوبر ٢٠٢٣م واشتبكت مع الجيش في معركةٍ استمرت لساعتين، قُتِلَ فيها من الجيش عدد ستة أفراد بينما فقد الدعم السريع أربعة من عناصره بينهم النقيب الدُّود حمدان واستولى الدعم السريع على عددٍ من العتاد العسكري وبسط سيطرته على البوّابة المهمة والتي مثّلت مورداً اقتصادياً لاستدرار الأموال من خلال الجبايات ورسوم العِبور التى فرضها الدعم السريع على الشاحنات التجارية والبصّات السفرية وحتى عربات المواصلات الصغيرة. وعبر الانطلاق من محليتى أبوزبد والسنوط شنّ الدعم السريع عدّة هجمات على حاميتي الأضية وبليلة. وبعد هجوم الدعم السريع المستمر بقيادة حسين برشم على حامية الأضية وقتل قائد الحامية فى ديسمبر ٢٠٢٣م تمّ سحب بقية القوة العسكرية بحامية الأضية وتجميعها برئاسة الفرقة ٢٢ مُشاة ببابنوسة، كما تسبّب هجوم الدعم السريع بقيادة برشم وماكن على حامية بليلة مقر اللواء (٩١) فى يناير ٢٠٢٤م ومقتل قائد ثانى الفرقة ٢٢ وعدداً كبيراً فاق الـ ٢٠٠ فرد من قوات مالك عقار نائب رئيس المجلس السيادي الذي عيّنه الفريق عبدالفتاح البرهان القائد العام للجيش ورئيس المجلس السيادي خلفاً للفريق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع، تسبّب في سحب بقية القوة العسكرية بحامية بليلة وتجميعها برئاسة الفرقة ٢٢ مشاة ببابنوسة. وشنّ الدعم السريع مسنوداً بالمُناصرين ممن أُصْطُلِحَ على تسميتهم بقوات (أُم باغة) ويُقال عليهم (أم باغة لا جنسية ولا بطاقة) هجومه على حامية بليلة اعتقادا منهم بأن طيران الجيش ينطلق من مطارها الجوي ويُنفِّذ ضرباته الجوية ببعض ولايات دارفور التى لم تسقُط وقتها في يد الدعم السريع.
وعقِبَ انعقاد مؤتمر كجيرة الذي نظمته الإدارة الأهلية لقبيلة المسيرية الحُمر/ الفلايتة بتأريخ ١٥ يناير ٢٠٢٤م والتى أعلنت فيه انضمامها لقوات الدعم السريع بقيادة الناظر عبدالمنعم موسى الشوين ناظر عُموم قبائل المسيرية الحُمر/ الفلايتة أمام العقيد التاج التجاني قائد قوات الدعم السريع بقطاع غرب كردفان، قام الدعم السريع بتأريخ ٢٣ يناير ٢٠٢٤م مسنوداً بدعم الإدارة الأهلية وقطاعات واسعة من مواطني ولاية غرب كردفان بالهجوم على قيادة الفرقة ٢٢ مُشاة والتى تمكّن جنودها من صد الهجوم بعد تكبيد الدعم السريع خسائر كبيرة فى الأرواح وعدداً من الجرحى كان من بينهم العقيد التاج التجاني قائد قوات الدعم السريع بقطاع غرب كردفان نفسه ليتم نقله لمستشفى الضعين بشرق دارفور والذي عاد الى مسرح العمليات لقيادة قواته بعد تماثُله للشفاء من الإصابة. وظلّت رحى المعارك بين الدعم السريع والجيش سِجالٌ، حيث يقوم الدعم بين الفينة والأخرى بمهاجمة الفرقة ٢٢ مشاة بينما ينجح الجيش فى صدِّ الهجوم، وبعد المعارك العنيفة التى دارت بين الطرفين بتأريخ ٢٦ مايو ٢٠٢٤م واستبسال عساكر الجيش فى صدّ الهجوم وانجلاء المعارك بمحافظة الجيش على سيطرته على الفرقة ٢٢، لجأ الدعم السريع إلى تغيير استراتيجته بترك وتأجيل أمر الفرقة ٢٢ مُشاة ليقوم بمهاجمة حامية الفولة العسكرية والاستيلاء على مقر اللواء (٩١) مُشاة التابع للفرقة ٢٢ بتأريخ الخميس ٢٠ يونيو ٢٠٢٤م وبالتالي السيطرة على حاضرة ولاية غرب كردفان وإنهاء الوجود الحكومى بها سيما فى أعقاب قيام وفدٌ من قيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول بالولاية برئاسة الأستاذ أحمد الصالح صلوحة (أحد أبرز كوادر الحركة الاسلامية وحزب المؤتمر الوطنى بغرب كردفان) و الأستاذ الصادق مريدة (أحد أبرز قيادات الدفاع الشعبى ورئيس المجلس الأعلى للسلم والتصالحات القبلية بحكومة ولاية غرب كردفان) بزيارة بورتسودان لتأكيد وقفة الولاية مع الجيش، بل وطلبا من البرهان مدِّهم بالعربات القتالية والسلاح لقتال الدعم السريع بغرب كردفان وأبلغا البرهان بأن أعضاء الوفد مُهدَّدون بالقتل والاعدام حال عودتهم للولاية.
ولعلّ ثالثة الأثّافى التى عجلّت بدخول الدعم السريع الفولة هي إعلان الأستاذ آدم كرشوم نورالدين نائب والى ولاية غرب كردفان والوالى المُكلَّف والفعلى للولاية - حيث ظلّ الدكتور عصام الدين هارون والى الولاية مُقيماً بالأبيض ومنذ تعيينه لم يزُرْ الولاية مُطلقاً - وقوفه مع الجيش في حربه ضد الدعم السريع مما أثار حساسية العقيد التاج التجاني قائد قوات الدعم السريع بقطاع غرب كردفان سيَّما وأن آدم كرشوم ينتمى للحركة الشعبية لتحرير السودان شمال/ جناح مالك عقار وشغل موقع نائب الحاكم بعد التوقيع على اتفاق جوبا للسلام في الثالث من أكتوبر ٢٠٢٠م، وعبر التنسيق الجيِّد مع العقيد الهادى دياب قائد اللواء (٩١) بحامية الفولة العسكرية والذى قُتِل عقِب استيلاء الدعم السريع عليها، بدأ الاثنان فى تجنيد المُستنفَرِين والصَّرف عليهم من مال بترول الولاية الذى يتحكم فيه كرشوم، وأصبحت الفولة مركزاً لنشاط ما يعتبرهم الدعم السريع عناصر حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية الذين فشلوا في تحقيق التنمية والاستقرار للولاية رغم مواردها المتنوعة والمتجدِّدة التي تزخر بها عندما كان حزبهم الذى ينتمون إليه يحكُم السودان، ولذلك فليس من المنطقِ عودتهم مُجدَّداً لتصدُّر المشهد السياسي بالولاية. لذلك اتّخذت قيادة الدعم السريع بقطاع الولاية قراراً بمهاجمة حاميتي الفولة والميرم والاستيلاء عليهما لقطع طريق العودة إلى الولاية لوفد بورتسودان وعلى رأسهما الأستاذين أحمد الصالح صلوحة والصادق مريدة. وبالاستيلاء على الفولة انتهى الوجود الفعلي لحكومة الولاية بقيادة كرشوم والصادق مريدة رجل التّصالحات بالحكومة. كما أرسل الدعم السريع رسالة قويِّة للأستاذ أحمد الصالح صلوحة بالاستيلاء على الميرم وهى المدينة التى ينحدر منها.
نخلص إلى أنّ الدعم السريع بات يُسيطر على أجزاء واسعة من ولاية غرب كردفان تشمل محليات (الفولة وغبيش والميرم والمجلد وأبوزبد والسنوط والدبب وكيلك والأضية) بينما يُسيطر الجيش على محليات (النهود وبابنوسة ولقاوة) أما محليتى ود بندة والخوى فلا توجد بها حاميات عسكرية او وجود للجيش. علماً بأن عدد محليات ولاية غرب كردفان تبلغ أربعة عشر محلية.