سلسلة تقارير الوضع الإنساني في دارفور (١)
فرار عشرات الآلاف من الفاشر وسط أوضاع إنسانية سيئة وإنتهاكات من أطراف الصراع
سلسلة تقارير الوضع الإنساني في دارفور (١)
فرار عشرات الآلاف من الفاشر وسط أوضاع إنسانية سيئة وإنتهاكات من أطراف الصراع وتحذيرات مستمرة من مجاعة في دارفور
خلف الصراع بين الدعم السريع والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا المتحالفة مع الجيش السوداني في مدينة الفاشر ولاية شمال دارفور أوضاع إنسانية مأساوية، من قتل وإصابات بالغة وسط المدنيين ونزوح جماعي كبير للمواطنين والنازحين من مدينة الفاشر إلى الولايات والمناطق المجاورة ، في ظل إنتهاكات كبيرة من قبل أطراف الصراع في الطرقات والمعابر التي يمر بها النازحين، فيما حذرت الامم المتحدة من مجاعة وشيكة في المناطق الساخنة في السودان وفي مقدمتها دارفور، وطالبت بفتح معابر في جنوب السودان وتشاد لإدخال المساعدات الإنسانية.
وتأثر بالوضع الإنساني المتدهور في الفاشر وفقا لاوتشا ما لا يقل عن 800الف مدني بمدينة الفاشر بعد إندلاع الإشتباكات المسلحة بين القوات المسلحة السودانية والحركات المتحالفة معها من جهة وقوات الدعم السريع من جهة اخري منذ 10 مايو المنصرم.
نازحين يتحولون لمجتمع مضيف لنازحين جدد
تحول نازحين معسكر زمزم الذي يبعد سبع كيلومترات غربي الفاشر بشمال دارفور إلى مجتمع مضيف بأستقبالهم لألاف النازحين من أحياء الفاشر التي تشهد اشتباكات عنيفة بين الدعم السريع من جانب والحركات المسلحة والجيش السوداني من جانب اْخر.
وأكدت غرفة طوارئ معسكر زمزم في بيان لها إطلعت عليه سودان ور مونيتور استمرار توافد النازحين من الفاشر الى المعسكر بشكل يومي٫ وكشفت الغرفة ان عدد النازحين منذ 10 مايو وحتى الآن وصل الى اكثرمن 20الف نازح ونازحة 16الف منهم تمت استضافتهم بواسطة ذويهم في المعسكر بينما يوجد أكثر من 5الف اخرين يتخذون من المدارس مأوى لهم، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء.
خروج جماعي للمدنيين من الفاشر وسط ظروف إنسانية قاسية
بعد إشتداد وتيرة المعارك في مدينة الفاشر بين الدعم السريع من جهة والجيش والحركات الموالية لها من جهة اخري فر عشرات الألاْف من المدنيين الى جهات مختلفة هروبا من جحيم الحرب والقذائف التي أدت إلى قتل وجرح المئات من المدنيين بالمدينة.
ووصل إلى جبل مرة وسط أوضاع انسانية قاسية ما لا يقل عن ثلاثين ألف نازح ونازحة فارين من النزاع المسلح بالفاشر في الفترة من 20 مايو الى 6 يونيو 2024، وفقا لمنسقية النازحين واللاجئين في دارفور والتقارير الواردة من جبل مرة، فيما زال عدد كبير من المدنيين عالقين بداخل المدينة، بحسب مصادر محلية بلغ عدد الاسر التي فرت من الفاشر إلى نيالا 300 أسرة.
وناشدت غرفة طوارئ طويلة المنظمات الدولية والمحلية بالتدخل السريع لإنقاذ حياة النازحين في طويلة والذين فاق عددهم قدرة استضافة المجتمع المحلي والخدمات الشبه معدومة في المنطقة، مشيرة إلى وجود مركزي إيواء بالمنطقة ولا تفي للعدد المهول من النازحين والذي يزداد بشكل يومي، فى ظل نقص حاد للغذاء والايواء والدواء بالمنطقة التي يوجد بها مركز صحي واحد تنقصه العديد من المستلزمات الطبية والأدوية.
عاملون في الحقل الإنساني يحذرون من تفاقم الأوضاع الانسانية لنازحي الفاشر بشرق دارفور
قالت منظمة كير في بيان لها اطلعت عليه سودان وور مونيتور أن تصاعد حدة الصراع في شمال دارفور يفاقم من الاوضاع الانسانية في شرق دارفور التي تستقبل اعداد كبيرة من الفارين من شمال دارفور.
وأشارت كير العاملة بشرق دارفور أن الفارين يعانون من أوضاع إنسانية مآساوية في الطريق من الفاشرإلي الضعين والذي يبعد حوالي 300 كيلومتر في ظل نقص حاد في الغذاء والكساء.
أكد عاملين بمنظمات محلية بولاية شرق دارفور وصول أكثر 40 ألف نازح ونازحة من الفاشر، موزعين بين معسكرات النيم ، لقاوة، والنمر بينما بعضهم إحتموا بمراكز الإيواء المؤقت فى المدارس داخل المدينة ، مع وجود تدفقات جديدة للنازحين بشكل يومي حتي تاريخ كتابة التقرير، وتزايد مستمر لأعداد الفارين من شمال دارفور، مضيفين أن الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية بولاية شرق دارفور والتي تقوم مقام مفوضية العون الإنساني ، حددت بالتشاور مع المنظمات الدولية والمحلية موقع غربي المدينة لإنشاء معسكر جديد للنازحين الفارين من شمال دارفور وغرب كردفان، وتمت تسميته بمعسكر المنار، وقد بدأ العمل في تجهيز الموقع.
وذكر العاملين بالمنظمات المحلية أن التدفقات الكبيرة والمستمرة للنازحين من الفاشر تفوق قدرة الإستجابة المحلية للمنظمات الدولية والوطنية بشرق دارفور.
وأكد يحي أبوعسل رئيس لجنة غرفة طواري الضعين لسودان وور مونيتور وصول عشرات الالاف من الفارين من الفاشر إلى ولاية شرق دارفور، موضحا أنه بجانب النازحين الذين وصلوا الى مدينة الضعين، موزعين فى مراكز الإيواء ومعسكرات النازحين القديمة، يوجد 250 اسرة من نازحين الفاشر إستقروا بمحلية شعيرية فيما إستقرت أكثر من 300 اسرة بمنطقة خزان جديد. .
دخول مساعدات إنسانية محدودة عبر معبر الطينة ومطالب أممية بفتح معبر أدري بتشاد وأويل بجنوب السودان
كشف جمال الزين كباشي مدير الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية (التي تقوم مقام مفوضية العون الإنساني بمناطق سيطرة الدعم السريع) بولاية شرق دارفور، عن وصول 10 شاحنات محملة بالمواد الإغاثية إلى الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور قادمة من الطينة بشمال دارفور، مبينا أن الشاحنات سلكت طريق الطينة- كلبس ومنها الى الجنينة ثم نيالا حتي مدينة الضعين.
وقال كباشي في تصريح لسودان وور مونيتور أنه في السابق كانت قد وصلت عدد من الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية إلى ولاية شرق دارفور عبر أدري التشادية، إلا أن حكومة بورتسودان قد رفضت للمنظمات ووكالات الامم المتحدة بإدخال الإغاثة عبر معبر أدري وإشترطت دخول الإغاثة عبر معبر الطينة بشمال دارفور، كاشفا عن إتصالات مع وكالات الامم المتحدة التي وعدت بمحاولة إقناع الحكومة ببورتسودان بالسماح لهم بإدخال الإغاثة عبر معبر أدري.
فيما ذكر مسؤول بمنظمة كير العاملة بدارفور فضل حجب إسمه، أن اْلاْف الأطنان من المساعدات الإنسانية الان مكدسة بمنطقة الطينة بسبب الإجراءات البطيئة والمعقدة من قبل الحكومة والسودانية خاصة تلك المساعدات الموجهة إلى المواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع في جنوب ووسط وشرق دارفور.
إلى ذلك أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الاسبوع الماضي، عن وصول ثلاث شاحنات تحمل مواد الإغاثة الأساسية إلى شمال دارفور عبر الحدود مع تشاد المجاورة مشيرة الى أن هذه الشاحنات وصلت بعد أسابيع من الانتظار.
وذكرت مفوضية اللاجئين في صفحتها بتطبيق إكس أنها ستبدأ مباشرة، مع شركائها في توزيع المساعدات الانسانية على 1,140 أسرة محتاجة في محليتي أَم برو وكرنوي، شمالي ولاية شمال دارفور٫ هذا ولم تذكر المفوضية توضيح بشأن المساعدات الانسانية للفارين من القتال في الفاشر الى جنوب وشرق دارفور.
وإعتبرت المفوضية أن الحدود مع الجارة تشاد حيوية للمتضررين بدارفور وحذرت مما سمته استمرار تضاؤل الاهتمام العالمي بالأزمة بالسودان، وتابعت بالقول (لا يمكن تجاهل هذه الأزمة لتصبح حالة أخرى من حالات الطوارئ المنسية) ومن جانبها ذكرت الإدارة العامة للنازحين واللاجئين أن كل المواطنين في إقليم دارفور أصبح مهدد إما بفعل رصاص الحرب المباشر أو بفعل المجاعة المماثلة والتي تشتد يوم بعد يوم في ظل إنعدام المساعدات الإنسانية.
وكشفت الإدارة العامة للنازحين فى بيان لها في 20 يونيو الجاري تلقت سودان وور مونيتور نسخه منه، عن إدخال برنامج الغذاء العالمي لمواد غذائية تتمثل في (ذرة، عدس، زيت طعام، ملح) وصفها بالشحيحة جدا، وأوضح البيان أن المواد الغذائية المذكورة تم توزيعها على الاسر الأكثر حاجة في معسكرات (كلم، عطاش، قريضة، وبليل للنازحين، بليل لللاجئين، كاس، السلام ) وقع نصيب الفرد من الذرة (9 أوقية) وهي لا تكفي لوجبة واحدة.
إنتهاكات على أساس عرقي من أطراف النزاع تطال الفارين من الفاشر
بجانب القتل والتشريد، طالت المدنيين الفارين من جحيم الحرب فى الفاشر العديد من الإنتهاكات من قبل أطراف الصراع من لحظة خروجهم من منازلهم في الفاشر إلى وجهتم التي يقصدونها.
قالت السيدة ح أ م وهي أم لثلاثة بنت وولدين انها خرجت من الفاشر في الخامس والعشرين من مايو المنصرم في طريقها إلى الضعين والعبور إلى جنوب السودان، خرجنا وتركنا كافة مقتنياتنا ولا نملك إلا القليل من النقود التي تكفي فقط لتذاكر سفرنا إلى وجهتنا.
وتابعت ح أ م في حديثها لسودان وور مونيتور مررنا بأعداد لا تحصي من الإرتكازات التابعة للدعم السريع في الطريق من الفاشر إلى نيالا ومنها إلى الضعين، وكنا في كل بوابه يتم توقيفنا وسؤالنا عن قبائلنا، وعندما يعرفون أننا من قبيلة الزغاوه يقومون بتفتيشنا بشكل كامل، من حقائب وهواتف وخاصة أولادي فى سن المراهقة الذين يتهمون دوما بالإنتماء للحركات المتحالفة مع الجيش وفي بعض الأحيان يجبرونا على دفع رسوم للتفتيش ويتم الإفراج عنا فى الغالب بتدخل بعض المرافقين فى السفر.
أما س أ ع الذي حكى قصته لسودان وور مونيتور وهو أب لأسرة تتكون من 7 ، 3 بنات واثنين من ابناء وابن اخيه وزوجته يقطنون في الفاشر حي السلام وقال أنه في 31 مايو بعد إشتداد المعارك والقصف المدفعي في الفاشر قررت اسرته النزوح داخليا من حي السلام إلى ابوشوك إلا أنه تم إعتراضهم بواسطة إرتكاز يتبع للقوات المشتركة المتحالفه مع الجيش وتم تفتيشهم وسؤالهم عن قبيلتهم.
وتابع س أ ع قلت لهم نحن مسيرية فقاموا بتفتيش هواتفنا مرة اخرى وخاصة أبنائي الشباب دون أن يجدوا شيئا، فإنهالوه علينا بالشتائم النابئه ووصفنا بالجنجويد وقاموا بإحتجاز أبنائي الإثنين وإبن اخي وسياراتهم ومن ثم أخذوهم على ظهر عربة عسكرية وغادروا الموقع.
وكشف س.أ.ع عن تلقيه إتصالا من هاتف أحد ابنائه بعد خمس أيام من الحادث وطالب المتحدث بدفع فدية مالية عبارة عن 3 مليون جنيه سوداني لكل فرد، موضحا أنهم قاموا بدفع مبلغ 9 مليون جنيه سوداني، وتم الإفراج عنهم فى العاشر من يونيو الجاري.
مجاعة وشيكة ومطالب اممية بفتح معبري أدري بتشاد وأويل بجنوب السودان لإيصال المساعدات
قالت السيدة إيديم ووسورنو، مدير العمليات والمناصرة، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في إحاطة لمجلس الأمن حول الوضع الإنساني في السودان، نيويورك، 18 يونيو 2024 انه وفي أقل من أربعة أشهر، هذه هي المرة السادسة التي نطلع فيها هذا المجلس على حالة الطوارئ الإنسانية في السودان، للمرة الثانية عشرة منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023، وفي كل مرة، حذرنا من التدهور المتواصل لأوضاع الناس في معظم أنحاء البلاد، يؤسفني اليوم أن أبلغكم أن السودان يواصل الانزلاق نحو الفوضى.
وكشفت ووسورنو عن نزوح ما لا يقل عن 130,000 شخص، من الفاشر منذ الأول من أبريل، معظمهم جنوباً إلى أجزاء أخرى من دارفور وغرباً إلى تشاد - حيث تعاني الموارد والخدمات الأساسية بالفعل من استنزاف شديد، بل إنها غير موجودة في بعض السياقات.
مبينة أنه يواجه ما يقرب من 5 ملايين شخص مستويات طارئة من إنعدام الأمن الغذائي (المستوى 4 من التصنيف المتكامل للأمن الغذائي في التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي). ويعيش تسعة من كل عشرة من هؤلاء الأشخاص في المناطق المتضررة من النزاع في ولايات دارفور وكردفان والجزيرة والخرطوم، وأن وهناك حاجة ضرورية إلى فتح معبري أويل وباناكواش الحدوديين أمام التحركات الإنسانية من جنوب السودان ، وتابعت ووسورنو بالإضافة الى ذلك لقد حذرنا هذا المجلس من قبل، فإن العد التنازلي أصبح حقيقيا، لذا أمامنا بضعة أسابيع فقط لتوصيل الإمدادات المنقذة للحياة قبل بدء موسم الأمطار وتفاقم ظروف الطرق بشكل كبير، نحن بحاجة إلى زيادة التحركات بشكل كبير في الأسابيع المقبلة، وفي ذات الوقت نحن بحاجة إلى إستمرار التصاريح السريعة عبر معبر الطينة وإستمرار السماح بنقل الإمدادات مباشرة إلى وجهاتها النهائية.
وذكرت ووسورنو أن أكثر من مليوني شخص في 41 منطقة من مناطق الجوع الساخنة يواجهون خطر الإنزلاق إلى جوع كارثي في الأسابيع المقبلة، أن النساء إضطررن لمشاهدة أطفالهن يتضورون جوعا لأنهم لا يستطيعون إطعامهم، وتتعرض النساء الحوامل لخطر متزايد للإصابة بسوء التغذية الحاد، ووفقا لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، قد تموت 7000 أم جديدة في الأشهر القليلة المقبلة إذا لم يحصلن على الغذاء والرعاية الصحية.
كما أوضحت ووسورنو فى إحاطتها بأنه إذا لم يحصل المزارعون على الفور على البذور المعتمدة التي يحتاجون إليها لموسم الزراعة، فإن وضع الأمن الغذائي سوف يزداد سوءاً.