الجيش والدعم السريع يعطلان القطاع الصحي بشمال دارفور
الجيش يضم المستشفى التعليمي لقيادته والدعم السريع يحول مستشفى الأطفال لمستشفى خاص به
الجيش والدعم السريع يعطلان القطاع الصحي بشمال دارفور
الجيش يضم المستشفى التعليمي لقيادته والدعم السريع يحول مستشفى الأطفال لمستشفى خاص به
سودان وور مونيتور
تسبب طرفي الحرب الرئيسيين من السودان ممثلين في القوات المسلحة السودانية من جهة وقوات الدعم السريع من جهة أخرى في تعطيل القطاع الصحي بولاية شمال دارفور التي تشهد هي الأخرى اشتباكات عنيفة هذه الأيام، حيث ضمت القوات المسلحة السودانية مستشفى الفاشر التعليمي الرئيسي لمحيط القيادة العسكرية ومنع الجهات الطبية من الوصول إلى المستلزمات والأجهزة الطبية للمستشفى الأول بالولاية وبالتالي حرمان مئات الالاف من المواطنين من خدمات طبية وصحية لائقة، فيما عملت قوات الدعم السريع على السيطرة على مبنى الإمدادات الطبية ومستشفى الأطفال بالولاية وتحويلها إلى مستشفى مرجعي لها منذ بدء الحرب العام الماضي وبالتالي حرمان آلاف الأطفال من الخدمات الطبية والصحية بجانب منع الادوية .
وقد خرج مستشفى الفاشر التعليمي عن الخدمة منذ السادس عشر من ابريل للعام ٢٠٢٣م بسبب سيطرة القوات المسلحة السودانية عليها لوقوعها قرب القيادة العامة حيث يضم المشفى اربعة عشر قسما بجانب مركز لعلاج الاورام وآخر لتدريب طلاب الجامعات كما يضم بداخله مستشفى العيون التعليمي والذي خرج ايضا من الخدمة. وبينت مصادر ذات صلة بالمشفى أن محيط المشفى أصبح موقعا لزراعة الالغام من قبل الجيش وحفر الخنادق وارتكازا رئيسيا للدفاع عنهم وسدا لمنع التسلل، ما أدى إلى تشرد مئات المرضى والجرحى لجهة أنها المستشفى المرجعي الاوحد بالولاية والأقاليم المجاورة.
ويقول أحد الكوادر الطبية بالفاشر حجب ذكر اسمه إن مستشفى الفاشر التعليمي بها اجهزة فحص مرضى الأورام والذي لا يتوفر في الاماكن الأخرى فكان خطر الموت يلاحق مرضى الاورام مع فقدانهم للدواء وخروج المستشفى من الخدمة فقد ناشدنا الجهات المسؤولة بفتح المركز بجانب نقل الأجهزة الخاصة بالفحص المتطور إلى أقرب وحدة صحية الا ان المحاولات باءت بالفشل، فظل مرضى الأورام لأكثر من عام مشردين دون رعاية صحية لهم بجانب عدم توفر الدواء.
ولم ينج مخزن الصندوق القومي للإمدادات الطبية بالفاشر الذي وقع هو الاخرى تحت مناطق سيطرة الدعم السريع منذ الايام الاولى للحرب، حيث سيطرت على الدواء والمعدات ووسائل الحركة بالكامل، حيث بدأ العمل في تشييده منذ العام ٢٠١٧م واكتمل في العام ٢٠٢٢م بتمويل من رئاسة الصندوق القومي للإمدادات الطبية والذي تبلغ مساحته (٣٥٠٠) متر مربع، ويتكون من مبنى إداري ومخزن بمساحة (١٣٢٠) شرقي مدينة الفاشر.
وظل مخزن الإمدادات الطبية على تغطية المؤسسات الصحية العامة ولاسيما المحليات بالأدوية الأساسية لكل البرامج مجانا والتي تضمن أدوية الملاريا، الدرن، والايدز، السرطان، والأمراض المزمنة، وأدوية الأطفال دون سن الخامسة.
فقد بسطت قوات الدعم السريع سيطرتها الكامل على المخزن رغم المحاولات العديدة من قبل حكومة الولاية عبر لجنة الوسطاء والحكماء بالفاشر الذي أنشئت للوساطة بين طرفي الصراع في الولاية آنذاك، الا أن جميع المحاولات باءت بالفشل في نقل الدواء وتوزيعها على مراكز الولاية مما أدى إلى تلف كامل في الأدوية والمحاليل مكتفية برفد مستشفى الأطفال الذي يقع تحت سيطرتها والتي اتخذها مستشفى مرجعي لها وارتكازا مهما والذي يعتبر انتهاكا وتعديا واضحا و خرقا صريحا للقانون الدولي الانساني، مما اجبر ادارة الصندوق الاعتماد على بدائل جديدة لحفظ الأدوية وغيرها من المستلزمات الطبية .
وبحسب تقرير مدير إدارة الطوارئ والمنظمات بوزارة الصحة بولاية شمال دارفور المنشور على موقع الوزارة بتاريخ الأول من مايو ٢٠٢٤م، فان حالات الوفيات بالأمراض وأحداث العنف بالمدينة بلغت ٢٢٤ حالة وفاة وما يزيد عن الالفين حالة إصابة مرضية أبرزها الملاريا وحمى الضنك.
حيث كشف التقرير الوبائي الأسبوعي أن حالات الملاريا وحمي الضنك وصلت إجمالي الإصابات (٣٥٥٥ حالة)، منها (٢٦٤٨) حالة موجبة و (٩) حالات وفاة. كما اوضح التقرير ان تراكمي الإصابات جراء الاحداث والتي بلغت (١٧٨٨)، منها (٢١٥) حالة وفاة. حسب مكتب الاحصاء.
وبالرغم من خروج تلك المؤسسات الصحية الكبرى من الخدمة، الا ان وزارة الصحة لم تقف وبفضل المبادرين من أبناء الولاية استطاعت فتح المراكز الصحية بالقطاعات الآمنة بالولاية في سبيل توفير الخدمة الصحية للمواطنين حيث تتمثل المراكز العاملة حاليا وهي مركز صحي سيد الشهداء، مركز صحي عبدالسلام لجروح السكري، النصر، القبة، تمباسي، السلطان، اولاد الريف، ابوشوك الحلة، الحاج عوض الله، السلام جنوب، مركز غسيل الكلي، بالإضافة الي مركز صحي مخيم أبوشوك للنازحين ومركز صحي مخيم زمزم والسلام للنازحين بجانب مستشفي الفاشر جنوب مستشفى الفاشر للنساء والتوليد، المستشفى العسكري، مستشفى الشرطة ومركز بابكر نهار للأطفال.
وتعاني جميع المراكز المذكورة أعلاه نقص حاد في الادوية والمستلزمات الا ان المنظمات العاملة بالولاية استطاعت في دعم هذه المراكز على رأسهم منظمة أطباء بلا حدود الفرنسية بالتدخل في توفير الادوية المنقذة للحياة بجانب عمل مخيمات علاجية لمرض الملاريا موزعة حسب الثقل السكاني بالقطاعات الأربعة في الولاية في شهر أكتوبر ونوفمبر من العام ٢٠٢٣م حيث عمل ذلك على تخفيف معاناة المرضى كما عملت المنظمة في التدخل الكامل لمستشفى الفاشر جنوب والذي أصبح مستشفى مرجعي لكل سكان الإقليم بعد موجة النزوح الجديدة التي شهدتها الولاية مؤخرا وقد عملت على دفع رواتب الكوادر الطبية العاملة بالمستشفى وأجور العمال بجانب توفير الادوية المنقذة للحياة ودعم الوقود والمياه وغيرها من الاحتياجات الخاصة بالمستشفى خلال الستة الأشهر الأخيرة من الحرب مما ساهم في تخفيف الضغط على وزارة الصحة في ظل النقص الحاد للموارد وانقطاع الدعم من قبل حكومة المركز.
وفي الأثناء تسبب القصف الجوي للجيش السوداني في تدمير الأبنية التحتية لمركز بابكر نهار الأيام القليلة الماضية حيث أدى سقوط دانات بالقرب من مدخل المركز إلى تفكك القصف وانهيار أجزاء واسعة منه، الامر الذي تسبب في إخلاء المركز تماما وذلك في اليوم الرابع للحرب الدائرة في الفاشر حاليا والتي بدأت قبل أسبوعين.
وقالت مفوضية العون الانساني بالولاية انها أجرت مسحا ميدانيا حديثا للنازحين بالتعاون مع مفوضية شؤون اللاجئين والتي قالت أن مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور استقبلت خلال العام ٢٠٢٣م أعداد كبيرة من النازحين من ولايات جنوب ووسط وغرب دارفور بعد ان ازدياد حدة الصراع وسقوط الحاميات بتلك الولايات على أيدي الدعم السريع حيث إحتضنت الفاشر عدد ٢١٠٩٩٤ أسرة بالإضافة الي مواطني الأحياء الشرقية والشمالية لمدينة الفاشر موزعين علي ١٠٦ مركزا توزعت داخل مدينة الفاشر في القطاع الجنوبي ومخيم ابوشوك وزمزم ومنطقتي شقرة وقولو بريفي الفاشر .
فيما يعاني أكثر من الفين طفلا في شمال دارفور في الحصول على الدواء والعلاج الكافي بسبب الحرب حيث خرجت مستشفى الفاشر التخصصي للأطفال من الخدمة والتي تأسست في العام ٢٠١٧م ليصبح مستشفى اقليمي بدارفور لاستقبال الحالات من جميع الولايات الأخرى حيث أصبح مقرا لإقامة المخيمات العلاجية بما فيهم العمليات الجراحية الخطرة طوال الفترة الماضية.
واستولت قوات الدعم السريع في أبريل من العام ٢٠٢٣م على مبنى المشفى الذي يقع بحي المصانع شرقي المدينة حيث مناطق سيطرة قوات الدعم السريع ما تسبب في فقد الأطفال للخدمة الصحية خلال فترة الأشهر الخمسة الاولى من الحرب قبل أن تضطر السلطات الصحية والمبادرين من جعل مركز احمد بابكر نهار بحي الوحدة كمستشفى بديلا للأطفال بجميع الاقسام عدا الجراحة.
فمن الملاحظ ان القابعين في مراكز الإيواء ومواطني مدينة الفاشر يواجهون خطرا كبيرا إزاء تعطيل المؤسسات الصحية بواسطة الجيش والدعم السريع، فتوسع الاحتراب وتزايد أعداد الفارين من الحرب نحو المدينة بجانب استهداف الاحياء السكنية بالقصف المباشر بين الجانبين وخصوصا قوات الدعم السريع التي تستهدف المدينة بالقصف المدفعي العشوائي، وهو ما يجعل السلطات الصحية والمنظمات العاملة في الحقل الصحي في وضع صعب للغاية يتطلب إيجاد خطط بديلة لتوفير ما يمكن أن يسهم في إنقاذ المواطنين في الظرف الحالي وكذلك تحوطا لأي كوارث صحية يمكن أن تطرأ في المستقبل القريب وخصوصا أن فصل الخريف على الأبواب، كما أنه يتوجب على طرفي الصراع وقف استهداف المدنيين المتعمد بجانب احترام المؤسسات الخدمية وعدم اتخاذها دورع أو ثكنات وأهداف عسكرية والذي يعتبر انتهاكا لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني الذي يجرم هذه الممارسات. كما أن على السلطات الصحية بالولاية والمراكز الرئيسية مراعاة تغذية المراكز والمستشفيات بالمحليات والارياف وخاصة الادوية المنقذة للحياة والتي تأثرت هي الاخرى بالأحداث حيث تتطلب المسألة وجود رؤية وخطة محكمة في ايصال المستلزمات الطبية دون المساس بها من طرفي النزاع او تعرض العاملين الي أي خطر محتمل بفعل الأطراف المتحاربة.