العلاقات الروسية السودانية في ظل التغيرات الدائرة في الاقليم
السلاح مقابل انشاء القاعدة العسكرية الروسية
العلاقات الروسية السودانية في ظل التغيرات الدائرة في الاقليم
تقرير : مرصد حرب السودان
في الفترة الاخيرة بدء الحكومة السودانية تدرك اهمية الدور الروسي في الساحة الاقليمية والدولية، رغم توقع الحكومة في بورتسودان أن يلعب الغرب والحلفاء في مساعدة الجيش الذي يمثل الحكومة الحالية في البلاد، التساؤلات التي يجب أن تطرح ما الذي يستفيده السودان في هذا التقارب في ظل تجاهل غربي لما يدور داخل البلاد.
لكن ما يجب عدم تناسيه، ماذا تمثل هذه العلاقة مع روسيا بعد سقوط نظام بشار الاسد في سوريا العام الماضي، رغم الدعم الروسي للنظام في دمشق لسنوات، الا انه تلاشي، ما بعد سقوط النظام في دمشق، هل لهذا تأثير علي حكومة بورتسودان المحاصرة اقليميا وكذلك دوليا، ما الذي الخطة للبديلة لحكومة بورتسودان، بعد ما حدث دمشق؟.
السلاح مقابل إنشاء القاعدة العسكرية الروسية
يوضح عادل سيد احمد الكاتب والمحلل السياسي، حول ما يثار بشأن القاعدة العسكرية وتحركات التقارب بين بين السودان وروسيا، ان التوقيت ارتبط بتفجر في السودان، المتمثلة في المواجهات العسكرية الدامية والعنيفة التي زادت وتيرتها مؤخرا، ومناطق الالتهاب في العالم عادة ما تواجه مشكلة الحصول على السلاح والتسليح، وحكومة الأمر الواقع في السودان، وجدت نفسها في حاجة ماسة الى الاسلحة، وروسيا دائما ما تتيح المجال للحصول للسلاح، خاصة اذا كانت تلك الدولة، في خلاف من الإدارة الأمريكية.
يقول عادل إن الحكومة السودانية أبرمت اتفاقا مع روسيا، يتمثل في الحصول على السلاح، مقابل إنشاء قاعدة عسكرية روسية، وتتمتع هذه القاعدة بوجود سفن مزودة باسلحة نووية، وبها قوات روسية معتبرة، ويسمح لروسيا من خلال الاتفاقية الموانئ والمطارات السودانية، مشيرا إلى ان، منذ قيام الفريق أول ركن عبد الفتاح بانقلاب عسكري 25 أكتوبر 2021، منذ ذلك، الوقت، لا توجد أي مؤسسات وأجهزة الدولة، والحكومة الموجودة حاليا، هي حكومة انقلاب، الأمر الواقع، هي تحتاج للرجوع المؤسسات، التي هي معطوبة تماما.
يبين عادل أن رجوع حكومة الأمر الواقع لروسيا، للاستفادة التسليح، وخبرات روسيا في التعامل مع المجموعات العسكرية التي كانت موازية للجيش، مثل مجموعة فاغنر التي كانت تحت مظلة جهاز الاستخبارات الروسي، وقوات الدعم السريع كانت تابعة للمؤسسة العسكرية السودانية، يرى أن حكومة بورتسودان، ظلت تبحث عن سلاح، وفي ظل المعركة الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية عموما، هي تحتاج إلى مظلة، وهي الان تستظل بالادارة الروسية، والادارة الروسية تحدد مصالحها في العالم، في المكان المناهض لسياسة واشنطن، والإدارة الامريكية تضع التفاوض كفرصة اخيرة بين الجيش والدعم السريع.
تعامل روسيا المباشر مع الجيش السوداني
يقول المحلل السياسي والباحث في الشأن الأفريقي محمد تورشين أن روسيا منذ أن وصل الرئيس فلاديمير بوتين سدة السلطة في البلاد، سعى إلى إعادة الامبراطورية القيصرية الروسية والاتحاد السوفيتي، من خلال انتشار وتموضعها في بعض القارات، منها القارة الأفريقية، وأوضح تورشين في افريقيا، لروسيا اهتمام خاص بالسودان، والتسليح الذي ظلت تزود به البلدان الإفريقية، وتطورات سابقة في عهد الرئيس السابق عمر البشير، في عام 2017، طالبا من موسكو حماية النظام من القرصنة الأمريكية، وقتها تم التوقيع على اتفاق يمنح موسكو قاعدة فلامينغو العسكرية على البحر الأحمر.
أوضح تورشين عندما وصلت المباحثات بين المجلس العسكري الحاكم قوي الحرية والتغيير تم تشكيل حكومة، لم ينفذ فيه الاتفاق بشكل مباشر، في جانب اخر، روسيا تسعى مواصلة مشروعها السابق في الحصول على القاعدة العسكرية على البحر الأحمر، بينما كان يسعى رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بالتودد لنيل رضي الولايات المتحدة الأمريكية.
مجموعة فاغنر كانت حاضرة ومتورطة في الصراع الدائر في السودان وكان تزود قوات الدعم السريع بالأسلحة وكثير من التقنيات الحديثة، لكن عندما سيطرت الحكومة الروسية على تمرد فاغنر بعد مقتل قائده يفغيني بريغوجين أغسطس 2023، والآن الحكومة في موسكو تسعى إلى تحقيق مصالحها مع الاجهزة الرسمية في السودان، ممثلة في الجيش السوداني، وليس الدعم السريع الذي لم يحقق شئ في المعركة.
الدعم السريع وقوات فاغنر
في ذات السياق، يوضح صدقي مطر الكاتب والمحلل السياسي ليس هناك تعاون مباشر بين الحكومة الروسية وقوات الدعم السريع بطريقة مباشرة، بل كان التعاون عبر منظمة فاغنر، وبعد مقتل قائدها يفغيني بريغوجين في حادثة تحطم الطائرة في أغسطس من عام 2023، وتم اعادة روسيا علاقاتها في المنطقة الافريقية، مثل الوجود في جمهورية أفريقيا الوسطى، ومالي والنيجر، وعلاقة الدعم السريع كانت عبر قوات فاغنر، وأكد أن علاقات الدعم السريع المتمردة للحصول على السلاح عبر فاغنر، خاصة في عمليات التنقيب على الذهب.
في وقت سابق كانت هذه القوات موجودة في إقليم دارفور غربي السوداني، ومليشيات الدعم السريع لم تكن تمثل أي جهة رسمية، والقيادة الرسمية في موسكو لم تتعاون معها مباشرة، أما زيارة محمد حمدان دقلو لروسيا في عام 2022، عندما كان نائبا لرئيس مجلس السيادة السوداني، وتعامل الدولة السودانية الان بقيادة رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مع جميع الدول، حسب المصالح المشتركة لدولة السودان، وليس هناك اي اشكالية ان تكون هناك علاقات مع الحكومة الروسية، وقبل فترة افتتحت حكومة أوكرانيا في السودان، عندما سلم السفير ميكولا ناهورني أوراق اعتماده في اوراق شهر أبريل 2024، لاعتماده رسميا سفير أوكرانيا لدى السودان إلى وزير الخارجية المكلف حسين عوض.
خطورة الحصول على قاعدة في البحر الأحمر
يعلق زهير بشار الأكاديمي والباحث السياسي في حلقة على قناة الحرة ’’ قاعدة روسية في السودان مقابل أسلحة وذخيرة.. ما التفاصيل‘‘، أن الانعكاسات الاستراتيجية على هذا القرار، ستكون كبيرة جدا، ولاول مرة في تاريخ السودان، أن يكون للروس قاعدة على البحر الأحمر، هي مسألة ليست سهلة، لأن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، لن يكونوا مرتاحين على هذه الخطوة، اضافة الى رفض القبول الإقليمي من المملكة العربية السعودية ومصر، خاصة أن روسيا أصبحت لها علاقات متجذرة مع إيران التي تلعب دور الفوضى والاضطراب، حسب قراءة الدول الإقليمية في المنطقة.
يقول زهير أن خطوة روسيا الدخول إلى هذه المنطقة، والحصول على قاعدة بحرية على البحر الأحمر، هي مسألة خطيرة جدا، سواء على المدى القريب أو البعيد، في حقيقة الامر الجيش السوداني في حاجة عاجلة للسلاح، وهناك عوامل عديدة تحتاج الي اجابة،، هل الجيش السوداني لديه من المال ليدفع لهذه الاسلحة؟، في ظل تراجع انتاج البترول، وسيطرت قوات الدعم السريع على مناطق عديدة منها، وكذلك مناطق إنتاج الذهب خارج سيطرة الدولة، لذا روسيا تسعي للحصول علي الذهب، أكثر من بيع السلاح، ويصلها الذهب من الطرفين.
روسيا والعمل على إطالة أمد الحرب
عمر ارباب الضابط السابق في البحرية السودانية والمحلل السياسي والاستراتيجي يضيف أن قضية القاعدة الروسية هي قضية قديمة متجددة، والجانب العسكري دائما يلوح بهذه الورقة، ويتلاعب بها، لمزيد من الضغط، وهي أشبه اللعب بالنار، أو من انها ورقة للمزايدة أو الضغوط السياسية، لأن الذي يدفع ثمن هذه الخطوة الجيش السوداني نفسه، والشعب السوداني في المقام الثاني، ايضا روسيا تزود الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالاسلحة، لذا تظل المصلحة الروسية، هي إطالة أمد الحرب، والسعي إلى خلق نوع من التوازن العسكري، على المشهد الميداني، حتى يمكن تصدير أكبر عدد من السلاح للطرفين.
يضيف أرباب ان روسيا تبحث عن إنشاء القاعدة العسكرية على البحر الأحمر، هذه القاعدة ليست لتزويد الوقود، عندما تطئ القاعدة أقدامها، لا يستطيع أحد السيطرة عليها، ولا تستطيع تحديد مهامها وتحركاتها، هذه القاعدة المقترحة سوف تضعف من مقدرات الجيش السوداني، والقدرة على الحركة، واضعاف السيادة على المياه الإقليمية، واوضح ان وجود القاعدة الروسية في ميناء طرطوس السورية، أضعف من السيادة السورية على أراضيها، وأن سلطة الأمر الواقع تفتقر إلى الشرعية، هي في حاجة إلى سلاح باسرع وقت، لذا سوف ترضخ لأي شروط، ولم علاقتها مع الدعم السريع.
إن القرارات المصيرية يجب أن تتخذها الدولة، الان يوجد غياب لحالة الدولة، بل مجرد مجموعة من الأفراد يتحكمون في الدولة، ويريدون تحقيق رغباتهم الشخصية نيابة عن الشعب السوداني، سوف تظل الازمة موجودة، والقاعدة تظل مثل البيدق، وروسيا لها تحالفاتها في المنطقة، سوف تستخدم تلك القاعدة لدعم حلفائها، وكذلك يكون السودان طرفا في أي صراع يحدث في المنطقة.