إعتقالات جماعية في الجنينة بعد إنسحاب قاعدة الجيش إلى تشاد
إنتهاكات جديدة بحاضرة ولاية غرب دارفور بعد سقوط رئاسة الفرقة (١٥)
سيطرت قوات الدعم السريع على قيادة الفرقة (١٥) التابعة للجيش السوداني بمدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور السبت الماضي، الموافق ٤ نوفمبر ٢٠٢٣م، ما عزز قبضتها على المدينة التي ظلت تحت هيمنتهم الفعلية لعدة شهور.
وتأتي هذه التطورات بعد إعطاء مدة زمنية منحتها الدعم السريع لقوات الجيش بالاستسلام. وبالرغم من أن القتال بين الجانبين إستمر ليومين متتاليين، إلا أنه لم تكن هناك معركة حاسمة تؤكد هزيمة الجيش السوداني بالكامل، حيث إنسحبت قوات الجيش المدافعة إلى دولة تشاد المجاورة.
وبينما نشرت قوات الدعم السريع عدد من الفيديوهات لمنسوبيها وهم يحتفلون داخل قيادة الجيش، إلا أنه لم تظهر أي معارك أو أي إشتباكات بجانب عدم وجود أي قتلى على الارض.
وذكرت مصادر ل (سودان وور مونيتور) أن عناصر الجيش السوداني الذين غادروا الجنينة قد وصلوا الى حامية الجيش بمنطقة كلبس والتي كانت قد إنضمت اليهم قوات الجيش المنسحبة من منطقتي سربا وصليعة. ومن ثم تحركت جميع هذه القوات إلى منطقة كيراي داخل الاراضي التشادية حيث تم إستقبالهم بواسطة القوات التشادية هناك.
ويقدر عدد سيارات الجيش المنسحب الى تشاد بحوالي ٦٠ سيارة.
وأفاد مصدر محلي من كلبس “حاليا لا يوجد جيش بكلبس. حتى المواطنين نزحوا من المنطقة بعد إنسحاب الجيش، معظمهم دخل الاراضي التشادية، خصوصا الاسر وكبار السن”.
وهذا فيديو جديد يظهر القوات التشادية و هي تستلم معدات وأسلحة الجيش السوداني المنسحب إلى داخل أراضيها
وأفادت مصادر أخرى، أن عددا من القوات المنسحبة من الجنينة قد وصلت بالفعل إلى منطقة الطينة بشمال دارفور على الحدود السودانية التشادية، الا أنه لا توجد المزيد المعلومات حول عدد تلك القوة.
و في ذات السياق، قال أحد وجهاء المدينة الذي فضل حجب هويته، ل “سودان تربيون” أن الجيش إستجابة لوساطة قادتها قيادة المجتمع وانسحب من المقر يوم السبت باتجاه مدينة كلبس شمالي الجنينة. وهدفت الوساطة إلى منع وقوع معركة ضارية للسيطرة على القاعدة، على غرار ما حدث في نيالا، والتي كان من الممكن أن تؤدي إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين والعسكريين.
وبعد إخلاء الحامية، بقي بعض الجنود والمجندين في القوات المسلحة السودانية. واحتجزت قوات الدعم السريع المئات من هؤلاء المجندين، فضلا عن العديد من الرجال والفتيان المدنيين في أردمتا، ضاحية الجنينة، حيث يقع مقر الفرقة 15.
وقال أحد قادة قوات الدعم السريع (فيديو رقم 3) إنهم ألقوا القبض على أكثر من 700 سجين. ورغم أنه لم يكن من الممكن التحقق من هذا العدد، إلا أن القائد ظهر بين عشرات السجناء، وأظهرت مقاطع فيديو أخرى مئات آخرين.
ومن بين المعتقلين رجل عرفته قوات الدعم السريع بأنه الوليد عطا الله، رئيس المخابرات العسكرية للقوات المسلحة السودانية في الجنينة، حيث تتمه قوات الدعم الرئيس بأنه خصمها الاول والعقل المدبر في مقاومة الدعم الرسيع عبر حشد المجتمع.
الحالة العامة لهؤلاء السجناء غير معروفة، لكن أدلة الفيديو تشير إلى وقوع بعض حوادث سوء المعاملة.
في الفيديو رقم 1، يبدو أن بعض السجناء مصابون أو مرضى. واقتادتهم قوات الدعم السريع حفاة الأقدام، ووجهت إليهم الشتائم والتهديدات (فيديو رقم 2).
كما تم جلد مجموعة أخرى وإجبارها على الفرار (فيديو رقم 4). تم تصوير هذا الفيديو في أحد الأحياء، وليس في منطقة عسكرية، مما يشير إلى أن هؤلاء الرجال والفتيان قد تم اعتقالهم على أساس عرقي - وليس بسبب أي انتماء للجيش.
هناك أيضًا بعض التقارير الناجمة عن عمليات القتل الانتقامية.
وذكر عدد من نشطاء حقوق الإنسان على وسائل التواصل الاجتماعي بوفاة محمد أربابة، وهو زعيم لمجتمع المساليت يبلغ من العمر 85 عامًا، وابنه في أردماتا. وكان قد التحق بالإدارة الأهلية عام 1959 وكان من أقدم قيادات الإدارة الأهلية العاملين في دارفور كلها.
بالإضافة إلى ذلك، قالت منظمة المجتمع المدني لدعم ضحايا دارفور إنها حصلت على صور “تظهر مقتل عشرات المدنيين على يد قوات الدعم السريع في وحدة أردمتا الإدارية بولاية غرب دارفور بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفرقة 15 مشاة”. تقول المنظمة إن قوات الدعم السريع قد ارتكبت هذه الجرائم. وندعو إلى إجراء تحقيق مستقل من قبل المحكمة الجنائية الدولية ومنظمات حقوق الإنسان المستقلة ومحاسبة الجناة.
هذا، وقد أمر قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، المقاتلين بتقديم الرعاية الطبية لسجناء القوات المسلحة السودانية ومعاملتهم وفقًا للقانون الإنساني الدولي، وذلك وفقًا لما جاء على قناة مراسلون بلا حدود لايف، وهي قناة تواصل اجتماعي شبه رسمية تابعة لقوات الدعم السريع.
التحالف السوداني يتعهد بمواصلة القتال
وأصدر التحالف السوداني، وهو جماعة مسلحة كان يتزعمها والي غرب دارفور المغتال خميس أبكر، بيانا السبت بعد سقوط مقر الفرقة 15، قال فيه إن “خسارة المعركة لا تعني خسارة الحرب”.
وتحالفت المجموعة، التي يتألف معظم مقاتليها من أبناء المساليت، مع الجيش منذ مقتل الوالي خميس أبكر في الرابع عشر من يوليو الماضي. وقالت إن عددا من قواتها لقوا حتفهم في هجمات استهدفت مقر الفرقة 15 في الجنينة يومي 3 و4 نوفمبر/تشرين الثاني.
وقال البخاري أحمد عبد الله، قائد قوات التحالف السوداني ورئيس الحركة، إن “هذه ليست حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع.. بل هي حرب استيطان وإبادة جماعية وتطهير عرقي”.
وأضاف أن “التحالف السوداني سيقود التعبئة العامة والتنوير المستمر وفضح ممارسات المليشيات المتمردة وأهدافها من التهجير القسري لشعبنا والإبادة الجماعية”.
ولم يعلق الجيش السوداني على الأحداث حتى الآن.
والجنينة هي ثالث عواصم ولايات دارفور الخمس التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع بالكامل خلال الأسبوعين الماضيين، بعد نيالا وزالنجي. عاصمة الولاية الوحيدة المتبقية في أيدي الجيش هي الفاشر، عاصمة شمال دارفور، بينما تزال قوات الجيش محاصرة داخل مقرها بمدينة الضعين والتي يعتبر أحد مراكز الدعم السريع.
موجة جديدة من النزوح إلي تشاد
وقد بدأت موجات نزوح جماعي للمدنيين من مدينة الجنينة، منذ الثلاثاء الماضي، تحسبا لاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، بحسب تقارير إعلامية.
وعبر آلاف الوافدين الجدد إلى تشاد خلال الأسبوع. وأفادت منظمة أطباء بلا حدود في 3 نوفمبر أن فريقها على الحدود بين تشاد والسودان لاحظ "زيادة كبيرة في عدد اللاجئين الوافدين خلال الـ 24 ساعة الماضية".
وقال داريو بيرتيتو، منسق مشروع منظمة أطباء بلا حدود في أدري: “سمعت أصوات انفجارات من مدينة الجنينة، في مدينة أدري التشادية خلال الليلتين الماضيتين. كما شهدنا عبور أكثر من 1,000 شخص في الساعات الأربع والعشرين الماضية،".
وقد تبين أن مخيمات اللاجئين في تشاد مكتظة بالفعل، مع وجود نقص في المياه والغذاء، فضلا عن الخدمات الأساسية الأخرى مثل الرعاية الصحية والتعليم.